سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ….) 112 .

تفسير قوله تعالى(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ….) 112 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (112)

قال تعالى(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) سورة البقرة الاية من 233 الى 234.

نتعرض في هذه الاية الى مطالب عدة

الاول : فلسفة عدة المتوفي باربعة اشهر وعشرا .

القران الكريم صادر من الله تبارك وتعالى والله خالق الانسان وهو اعرف به بكل احواله وما يصلحه وما يفسده،كالشخص المخترع الذي يخترع الجهاز ويعرف اسرار هذا الجهاز ، ومن خلال ذلك يمكن اعطاء رؤية تحليلية لفلسفة وحكمة العدة بالاربعة اشهر وعشرة ايام ضمن عدة امور

1- احتمال وجود الحمل : ان الحكمة هو احتمال وجود الحمل ولا سيما في الازمان السابقة اذ لم يكن في السابق (سونار او اجهزة التحليل ) لمعرفة الحمل ولذلك لا بد من الصبر الى هذه الفترة .

قال ابن كثير : أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي جَعْلِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا؛ لِاحْتِمَالِ اشْتِمَالِ الرَّحِمِ عَلَى حَمْلٍ، فَإِذَا انْتَظَرَ بِهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ ظَهَرَ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: “إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجمع فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الملك فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ” ([1]).

 2- الوضع الاجتماعي : ان الحكمة من الاربعة اشهر وعشرة ايام موضوع يرجع الوضع الاجتماعي الذي تعيشه المرأة ، فالمرأة تعيش ضمن دائرة اجتماعية وهي لا يمكن ان تتخطى هذه الدائرة فلا يمكن للمرأة ان تتزوج بمجرد وفاة زوجها وتتحول الى زوج اخر ولكن الاربعة اشهر كافية لان يغفر المجتمع ما فعلته المراة بنفسها من اختيار الحياة المناسبة لها .

3- الوضع العاطفي والنفسي : يمكن القول ان الحكمة من الاربعة اشهر ،هو نفسي وعاطفي ،فالمراة عندما يموت زوجها فهي تبقى تعيش ذكرياته وكذلك تعيش الام الفراق والحزن عليه ، والغاية التي يمكن ان تتلاشى فيه هذه الامور هي المدة المذكورة وهي اربعة اشهر .عن عبد الله بن سنان قال: (قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) لأي علة صار عدة المطلقة ثلاثة أشهر وعدة المتوفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً, قال: (لأنّ حرقة المطلقة تسكن في ثلاثة أشهر, وحرقة المتوفى عنها زوجها لا تسكن إلاّ في أربعة أشهر وعشراً) ([2]).

4- غاية صبر المرأة : لعل الحكمة في الاربعة اشهر يرجع الى صبر المراة على تحمل ان تبقى بلا زوج هذه المدة المذكورة واما بعدها فهي تحتاج الى الزوج وهذا بشكل عام فلعل بعض النساء يمكن ان تتحمل اكثر ولعل بعضهن لا تتحمل ؟ ولكن كقاعدة عامة وغير شاذة هي ان قدرة وتحمل المراة في بقائها بلا زوج هي الاربعة اشهر وبعدها تحتاج الى الزوج .؟   عن أبي الهيثم قال: سألت أبا الحسن الثاني (عليه السلام) كَيْفَ صَارَتْ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَ حِيَضٍ أَوْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَ صَارَ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً قَالَ أَمَّا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثُ حَيْضَاتٍ أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ مِنَ الْوَلَدِ وَ أَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَإِنَّ اللَّهَ شَرَطَ لِلنِّسَاءِ شَرْطاً فَلَمْ يُحَابِهِنَّ فِيهِ وَ شَرَطَ عَلَيْهِنَّ شَرْطاً فَلَمْ يَحْمِلْ عَلَيْهِنَّ فِيمَا شَرَطَ لَهُنَّ بَلْ شَرَطَ عَلَيْهِنَّ مِثْلَ مَا شَرَطَ لَهُنَّ فَأَمَّا مَا شَرَطَ عَلَيْهِنَّ فَإِنَّهُ جَعَلَ لَهُنَّ فِي الْإِيلَاءِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ غَايَةُ صَبْرِ النِّسَاءِ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَمْ يَجُزْ لِلرِّجَالِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فِي الْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ غَايَةُ صَبْرِ النِّسَاءِ عَنِ الرِّجَالِ وَ أَمَّا مَا شَرَطَ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ عِدَّتُهُنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً يَعْنِي إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَأَوْجَبَ عَلَيْهَا إِذَا أُصِيبَتْ بِزَوْجِهَا وَ تُوُفِّيَ عَنْهَا مِثْلَ مَا أَوْجَبَ لَهَا فِي حَيَاتِهِ إِذَا آلَى مِنْهَا وَ عَلِمَ أَنَّ غَايَةَ صَبْرِ الْمَرْأَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فِي تَرْكِ الْجِمَاعِ فَمِنْ ثَمَّ أَوْجَبَهُ عَلَيْهَا وَ لَهَا ) ([3]).

الثاني : موت الزوج ليس موت الحياة

  موت الزوج ليس معناه موت الحياة، فالحياة لا تتوقف على احد من الناس بل هي مستمرة ، والمراة اذا ارادت الزواج بزوج جديد وحياة جديدة فالاسلام قد اباح لها هذا الحق فالمراة ليست حكرا على زوجها الاول فكما ان الرجل اذا ماتت عنه زوجته يستطيع ان يتزوج ولعله لا يتاخر اكثر من اربعة اشهر كذلك المراة لها الحق اذا ارادت الزواج فلماذا يكون الحق للرجل ولا يكون الحق للمراة ،ولكن المشكلة التي نعيشها في المجتمع هو الفهم الجاهلي للحياة وليس فهم وفلسفة الاسلام والقران العظيم للحياة والقوانين التي جاءت من اجل الانسان وحياته .؟

والاسلام جاء ليقضي على حالة بقاء الزوجة عند موت زوجها ومن النساء اللائي تزوجن اكثر من زوج هي اسماء بنت عميس فقد تَزَوَّجها أَبُو بَكْر ، وجَعْفَر بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ([4]).

الثالث : ما هو الحداد

الحدّ في اللغة المنع، و بمعنى الحاجز بين شيئين ([5]). وذلك ان المراة تمنع نفسها عن اشياء وفي الاصطلاح : والحداد لغة وشرعا عبارة عن ترك الزينة في الثياب والبدن ([6]).

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألت عن المتوفى عنها زوجها، فقال: لا تكتحل للزينة، ولا تطيب، ولا تلبس ثوبا مصبوغا  ([7]).

 وفي ذلك امور

1- قال الفقهاء المقصود من حداد المراة على زوجها ،هو ان تترك المراة في فترة العدّة كل ما يعدّ زينة للمرأة بحسب العرف الاِجتماعي الذي تعيشه .

قال العاملي : ومقتضى اطلاق الامر بالحداد الذي هو ترك الزينة، انه يجب على المعتدة ترك كل ما يعد زينة عرفا من الثياب، والادهان، والكحل، والحنا، والطيب وغير ذلك ولا يختص المنع بلون خاص من الالوان، بل يختلف ذلك باختلاف العادات فكل لون يعد زينة عرفا يحرم لبس الثوب المصبوغ به. ولا يحرم عليها التنظيف، ولا دخول الحمام، ولا تسريح الشعر، ولا السواك، ولا قلم الاظفار، ولا السكنى في المساكن العالية، ولا استعمال الفرش الفاخرة، لان ذلك كله لا يعد من الزينة ([8]).

 2- وقال السيستاني ؛ لا يجب على المعتدة عدّة الوفاة ان تبقى في البيت الذي كانت تسكنه عند وفاة زوجها ، فيجوز لها تغيير مسكنها والاِنتقال الى مسكن آخر للاِعتداد فيه ، كما لا يحرم عليها الخروج من بيتها الذي تعتد فيه إذا كان لضرورة تقتضيه ، أو لاَداء حق أو فعل طاعة أو قضاء حاجة ، نعم يكره لها الخروج لغير ما ذكر ، كما يكره لها المبيت خارج بيتها على الاَقرب ([9]).

3- قال السبزواری : الحداد ليس شرطا فی صحة العدة ، بل هو تکليف علی حدة فی زمانها، فلو ترکته عصيانا أو جهلا أو نسيانا فی تمام المدة أو بعضها لم يجب عليها استينافها أو تدارک مقدار ما أعتدت بدونه ([10]). فيجوز لها التزوج بعد انقضاء العدّة على كل تقدير.

4- الحداد يجب على جميع الزوجات سواء كانت مسلمة ام ذمية زواجها تزوجب بالدائم ام المنقطع

 قال الصافي : لا فرق في وجوب الحداد بين المسلمة والذمية، كما لا فرق على الظاهر بين الدائمة والمنقطعة. نعم لا يبعد عدم وجوبه على من قصرت مدة تمتعها كساعة أو ساعتين بل يوم أو يومين([11]) .

الرابع : حرية المراة بعد وفاة زوجها  

بعد نهاية العدة يجوز للمرأة ان ترجع الى حياتها الطبيعية التي ترغب بها ،فبعد العدة هي حرة في العمل في التزين او الرغبة في الارتباط والزواج من زوج اخر ولا يجوز لاحد من اقاربها حرمانها من هذه الحقوق ومن يحرمها يتحمل ذلك الوزر في الدنيا والاخرة .

لذلك قال تعالى (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ )

قال البيضاوي : ﴿فَإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ﴾ أيِ انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ. ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ﴾ أيُّها الأئِمَّةُ أوِ المُسْلِمُونَ جَمِيعًا. ﴿فِيما فَعَلْنَ في أنْفُسِهِنَّ﴾ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْخُطّابِ وسائِرِ ما حَرُمَ عَلَيْهِنَّ لِلْعِدَّةِ. ﴿بِالمَعْرُوفِ﴾ بِالوَجْهِ الَّذِي لا يُنْكِرُهُ الشَّرْعُ، ومَفْهُومُهُ أنَّهُنَّ لَوْ فَعَلْنَ ما يُنْكِرُهُ فَعَلَيْهِمْ أنْ يَكْفُوهُنَّ، فَإنْ قَصَّرُوا فَعَلَيْهِمُ الجُناحُ. ﴿واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ فَيُجازِيكم عَلَيْهِ([12]) .

_____________________________________________________

([1])تفسير ابن كثير (ابن كثير) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 292

([2]) علل الشرائع (الشيخ الصدوق) ، الجزء : 2 ، الصفحة : 508

([3]) المحاسن المؤلف : ابو جعفر البرقي    الجزء : 2  صفحة : 303

([4])التاريخ الكبير تاريخ ابن ابي خيثمه السفر الثاني المؤلف : ابن أبي خيثمة    الجزء : 2  صفحة : 819

([5])تفسير مجمع البيان المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 2  صفحة : 21

([6]) فقه الصادق المؤلف : السيد محمد صادق الروحاني    الجزء : 23  صفحة : 49

([7]) الكافي- ط الاسلامية : الشيخ الكليني ، ج 6  صفحة : 116 .

([8]) نهاية المرام في تتميم مجمع الفائدة والبرهان  ، السيد محمد بن علي الموسوي العاملي ، ج 2 ، ص 101

([9]) منهاج الصالحين ـ العبادات المؤلف : السيد علي السيستاني    الجزء : 3  صفحة : 177

([10])مهذب الاحکام فی بيان حلال و الحرام المؤلف : سيد عبدالاعلی سبزواری    الجزء : 26  صفحة : 112

([11]) هداية العباد المؤلف : الشيخ لطف الله الصافي    الجزء : 2  صفحة : 320

([12])تفسير البيضاوي (البيضاوي) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 529

 824 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *