سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ……) 128

تفسير قوله تعالى(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ……) 128

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (128)

قال تعالى(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )سورة البقرة من الاية  258  الى 259 .

نتعرض في هذه الاية الى مطالب

اولا :  سبب نزول الاية المباركة

اختلف المفسرون في الشخصية التي مرت على القرية فأماته الله مائة عام هل كان نبيا او انسانا صالحا ، او كافرا ، وهل هو عزير او ارميا ، وهذا كله بحسب اختلاف الروايات فعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل : ” أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها ” قال : إن الله بعث إلى بني إسرائيل نبيا يقال له : إرميا ) ([1]). وروي عن علي(ع) ـ كما في مجمع البيان ـ أن عزيراً خرج من أهله وامرأته حامل وله خمسون سنة، فأماته الله مائة سنة، ثم بعثه، فرجع إلى أهله ابن خمسين سنة له ابن له مائة سنة فكان ابنه أكبر منه، فذلك من آيات الله ) ([2]).

ثانيا :الاحياء بعد الموت بيان على قدرة الله

 هذه القصة التي يسردها القران الكريم من المعاجز وهي لشخص عاش احداث الواقعة ولم يصرح القران الكريم باسم الشخص او القرية والفترة الزمانية،وهل هذا الشخص كان مشككا او يريد الاطمئنان كما عليه ابراهيم عليه السلام كل ذلك لم يصرح به القران ،وعلى كل حال خلاصة هذه القصة ان هذا الشخص مر على قرية وهي خاوية على عروشها أي منهدمة وفارغة من اهلها  ،لذلك وفي لحظة التفكر والاستغراق في هذه القرية واهلها خطر في باله هذا السؤال والتساؤل وهو كيف يحيي الله هذه بعد موتها فحصل الموت له ( فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ) ثم حصل الاعجاز برجوعه الى عالم الدنيا ( ثُمَّ بَعَثَهُ ) والله اذا اراد ان يقول لشيء ان يقول له كن فيكون فلا عجز في قدرة الله تعالى .

ثالثا: الغاية من القصة  الاعتبار  

الغاية من هذه القصة التي ذكرها الله تبارك تعالى هو لكي يعتبر ويؤمن الانسان بالبعث والحساب والرجوع ما بعد الموت ولذلك يبين الله هذه المعجزة على نحو الايحاء (كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ )فلم يتغير الطعام رغم الفترة الزمانية الكبيرة وهي مائة عام ولكن (وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ ) كيف صار رميما ، وهذه القصة غايتها ( وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ) ثم قال تعالى ( وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ) وهي اشارة الى الحمار واعادته الى الحياة  بعد ان كان رميما فلما شاهد هذا الشخص ما حصل اقر واعترف بقدرة الله تعالى بالمعاينة والمشاهدة والحقيقة ( فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .

قال الالوسي :﴿واعْلَمْ أنَّ اللَّهَ﴾ وبِذَلِكَ قَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ، والآمِرُ هو اللَّهُ تَعالى أوِ النَّبِيُّ أوِ المَلَكُ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المُخاطَبُ هو نَفْسُهُ عَلى سَبِيلِ التَّجْرِيدِ مُبَكِّتًا لَها مُوَبِّخًا عَلى ما اِعْتَراها مِن ذَلِكَ الِاسْتِبْعادِ([3]).

وقال البلاغي : ( قالَ أَعْلَمُ ) * يعرف من انه لم يقل الآن علمت انه عالم بذلك وانه يعلم بالعلم المستمر وبهذه المشاهدات تأكد علمه([4]).

الرابع: امكانية الرجعة الى الحياة

من الامور الاعتقادية التي يؤمن بها الشيعة هو الرجعة في زمن الامام المهدي عليه السلام لبعض الاشخاص ممن محض الايمان محضا من الائمة و الاولياء والصالحين، او محض الكفر محضا من الذين ظلموا اهل البيت عليهم السلام ،ومما تقدم من موضوع القصة يتبين ان موضوع الرجعة للحياة بعد الموت لا يمكن نفيها او استحالتها،ولذلك قال السيد علم الهدى المرتضى رحمه الله : «إعلم أن الذي تذهب الشيعة الإمامية إليه أن الله تعالى يعيد عند ظهور إمام الزمان المهدي × قوما ممن كان قد تقدم موته من شيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ومشاهدة دولته. ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم، فيلتذوا بما يشاهدون من ظهور الحق وعلو كلمة أهله»([5]).

وقد ورد في موضوع الرجعة روايات ومنها عن ابن أبي عمير المفضل عن أبي عبد الله  × في قوله (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) قال ليس أحد من المؤمنين قتل الا ويرجع حتى يموت ولا يرجع الا من محض الايمان محضا ومحض الكفر محضا ([6]).

_____________________________________

([1])  وسائل الشيعة ( الإسلامية ) ،  الحر العاملي ، ج11 ، ص413 . تحقيق : تحقيق وتصحيح وتذييل : الشيخ محمد الرازي / تعليق : الشيخ أبي الحسن الشعراني ، الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان .

([2])  مجمع البيان،  الشيخ الطبرسي ، ج2 ، ص 174 .

([3])تفسير روح المعاني (الألوسي، شهاب الدين) ، الجزء : 3 ، الصفحة : 24

([4]) آلاء الرحمن في تفسير القرآن ، محمد جواد البلاغي النجفي ، ج 1 ، ص 232 .

([5]) رسائل المرتضى: الشريف المرتضى: ج1: ص125.

([6]) مختصر بصائر الدرجات: الحسن بن سليمان الحلي: ص43

 1,584 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *