سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ……) 108 .

تفسير قوله تعالى (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ……) 108 .

 في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (108)

قال تعالى (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ،

 سورة البقرة من الاية  229 .

نتعرض في هذه  الى مطالب عدة

الاول : حركية الاحكام في واقع الامة

الاحكام الالهية في حقيقتها تعالج واقع المجتمع وما يحتاجه الناس في كل وقائع الحياة حتى يعيش الانسان المؤمن ضمن دائرة القانون والنظام والتشريع الالهي ، فالانسان مهما بلغ يبقى قاصرا عن ادراك الحكم الصحيح الذي فيه الصملخة التامة ،وقد جعل الله تعالى في كل واقعة حكما كما في الحديث : عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الله عز وجل أنزل في القرآن تبيانا لكل شئ حتى والله ما ترك شيئا يحتاج إليه العبد ، حتى والله ما يستطيع عبد أن يقول : ” لو كان في القرآن هذا ” إلا وقد أنزله الله فيه » ([1]) .

  عن أبي جعفر × قال : سمعته يقول : « إن الله تبارك وتعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمة إلا أنزله في كتابه ، وبينه لرسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، وجعل لكل شيء حدا ، وجعل عليه دليلا يدل عليه ، وجعل على من تعدى ذلك الحد حدا  ([2]) .

ولكن بشرط اذا وجد الانسان الكامل في اوساط الامة كما كان النبي صلى الله عليه واله ،؟ولكننا اليوم محرمون من وجود هذه النعمة العظيمة لعدم استحقاقنا ؟ والا فلو كنا نستحق هذه النعمة لما بخل الله تعالى علينا بوجود الانسان الكامل صاحب العصر والزمان عليه السلام في اوساطنا لكي نعيش الاحكام الواقعية .

ومناسبة هذه الاية كما جاء في المجمع : «روى هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنَّ امرأة أتتها فشكت أنَّ زوجها يطلّقها ويسترجعها يضارّها بذلك، وكان الرّجل في الجاهلية إذا طلّق امرأته ثُمَّ راجعها قبل أن تنقضي عدّتها كان له ذلك، وإن طلّقها ألف مرة لم يكن للطلاق عندهم حدّ. فذكرت ذلك لرسول اللّه صلى الله عليه واله ، فنزلت ،الطَّلاقُ مَرَّتَانِ ، فجعل حدّ

الطلاق ثلاثاً ﴾([3]) .

الثاني : فلسفة تحديد الطلاق بمرتين

قد يشكل احد الناس سواء كان مسلما او غير مسلم على هذا الحكم ،وهو ان تحديد الطلاق بمرتين لا داعي له بل الطلاق يبقى مطلقا بدون أي عدد .

والجواب على ذلك ؛

ان الله تبارك وتعالى عندما وضع هذا التشريع والقانون جاء من اجل ضبط النظام الاجتماعي والحفاظ على الاسرة من الانهيار وحتى لا تكون المرأة العوبة بيد الرجل يطلقها متى اراد ويرجع اليها متى يشاء ،ولذا جاء هذا القانون من اجل ان يجعل الرجل يفكر الف مرة قبل ان يهدم اسرته ،وبالتالي فهذا القانون ليس كما يتوهمه البعض خلاف مشاعر الانسان واحاسيسه بل ان هذا القانون فيه مصلحة لبقاء الاسرة وعدم هدمها ويجعل الزوج يفكر في عواقب الامور في ما اذا اراد الاقدام على مثل هذا الطلاق .؟.

الثالث : كرامة المراة عند الله

المراة مهما كانت مكانتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وشهادتها تبقى ضعيفة وامانة بيد الرجل يجب عليه ان يراعي مشاعرها واحاسيسها ويهتم بشؤونها ولذلك ورد في الحديث المرأة  ( الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ وَ لَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ فَدَارِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَ أَحْسِنِ الصُّحْبَةَ لَهَا لِيَصْفُوَ عَيْشُكَ‌  ﴾([4]) .وفي الحديث عن النبي ’ : أوصيكم بالنّساء خيرا فإنّما هنّ عوار عندكم ، لا يملكن لأنفسهنّ شيئا ، وإنّما أخذتموهنّ بأمانة الله ، واستحللتم فروجهنّ بكتاب الله ، ولكم عليهنّ حقّ ، ولهنّ عليكم حقّ ([5])  .

ومن اجل ذلك رتب الله تعالى هذا الحكم وهو ان الطلاق مرتان وليس اكثر من ذلك بحيث تصبح هذه المرأة الوبة بيد الرجل يطلقها متى ما يشاء ويرجعها متى ما يريد بل اذا اراد ان يمسكها فعليه ان يمسكها بمعروف واحسان ،واذا اراد ان يسرحها بحيث لا يصدر منه الظلم عليها .

قال مكي طالب  {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} ، أي صحبة حسنة، أو {تَسْرِيحٌ بإحسان} ، لا يظلمها من حقها شيئاً ([6])  .

الرابع : لا يجوز اخذ المهر من الزوجة

المهر الذي اعطاه الزوج الى الزوجه تملكه وهو ملكها بمجرد العقد عليها وهذا المهر سواء وهبته الى اهلها ام القته في البحر فليس على الزوج ان يحاسبها عليه ،وكذلك ما يجري اليوم من عقود  لحاضر وغائب فهو من اجل التسهيل على الزوج وعليه ان يسلمه وقت الميسرة ، والا فالمهر كله يجب ان يعطيه الزوج الى الزوجة وقت العقد .

وعلى هذا فالزوج اذا اراد طلاق الزوجة وهو كاره لبقاء العلاقة معها فلا يجوز ان ياخذ المهر الذي اعطاه لها فيكون ظالما وغاصبا لحقها .

 ولذلك قال تعالى ( وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا ) وفي اية اخرى قال تعالى    (وإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وإِثْماً مُبِيناً ) ([7])  .

الخامس : الطلاق الخلعي

نعم هناك استثناء في ان ياخذ الزوج المهر او اكثر او اقل من المهر وهو فيما اذا كانت الزوجة هي الكارهة لزوجها وتحب الخلاص منه بكل وسيلة بحيث اذا بقت معه ربما سوف تتعرض لسخط الله تبارك وتعالى ولا تقيم حدود الله ،لذلك هنا يجوز للزوج ان يشترط عليها في طلاقها اما المهر كاملا او بعض المهر او اكثر من المهر والى هذا الاستثناء اشار الله تعالى بقوله ( إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) .وهذا هو الطلاق الخلعي وهو طلاق الزوجة الكارهة لزوجها ومعاشرته فتدفع المهر حتى تتخلص منه .

قال السيستاني : الخلع هو ( الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها ) يعتبر فيه بلوغ كراهتها حداً يحملها على تهديد زوجها بعدم رعاية حقوقه الزوجية وعدم اقامة حدود الله فيه([8])  .

ونقل العامة في سبب نزول الاية :  عن عائشة أن حبيبة بنت سهل كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس فضربها فانكسر بعضها فأتت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعد الصبح فاشتكته إليه فدعا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثابتا فقال ” خذ بعض مالها وفارقها ” قال: ويصلح ذلك يا رسول الله؟ قال ” نعم ” قال: إني أصدقتها حديقتين فهما بيدها فقال النبي – صلى الله عليه واله وسلم – ” خذهما وفارقها ” ففعل ) ([9])  . وقد بسط طرق هذا الحديث ابن كثير .

السادس : حدود الله واحكامه

حدود الله هي الاحكام والتشريعات التي جاءت من اجل نظام المجتمع والتجاوز عليها يعني الدخول في الفوضى المجتمعية وهو ظلم الانسان الفرد لنفسه وظلم المجتمع وهو الفساد في الارض . لذلك قال تعالى (  تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) والله تعالى لعن الظالمين : ( أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) ([10])  .

قال القاسمي : ﴿تِلْكَ﴾ – أيِ: الأحْكامُ العَظِيمَةُ المُتَقَدِّمَةُ لِلطَّلاقِ والرَّجْعَةِ والخُلْعِ وغَيْرِها… -: ﴿حُدُودَ اللَّهِ﴾ – شَرائِعُهُ -: ﴿فَلا تَعْتَدُوها﴾ – بِالمُخالَفَةِ والرَّفْضِ -: ﴿ومَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ﴾ أيْ: لِأنْفُسِهِمْ بِتَعْرِيضِها لِسُخْطِ اللَّهِ تَعالى وعِقابِهِ. وتَعْقِيبُ النَّهْيِ بِالوَعِيدِ لِلْمُبالَغَةِ في التَّهْدِيدِ([11])  .

____________________________________________________

([1]) المحاسن المؤلف : ابو جعفر البرقي    الجزء : 1  صفحة : 267

([2]) الکافی- ط دارالحدیث (الشيخ الكليني) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 151

([3]) تفسير مجمع البيان (الشيخ الطبرسي) ، الجزء : 2 ، الصفحة : 103

([4])  روضه المتقین المؤلف : محمد تقی مجلسی    الجزء : 9  صفحة : 238

([5])  موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، الشيخ باقر شريف القرشي ، ج 2  ، ص 73 .

([6]) الهدايه الي بلوغ النهايه ، مكي بن أبي طالب ، ج 1 ،ص 764

([7]) سورة النساء : الاية 4 .

([8]) المسائل المنتخبة المؤلف : السيد علي السيستاني    الجزء : 1  صفحة : 402

([9])تفسير ابن كثير المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 281

([10]) سورة هود : الاية 18 .

([11]) تفسير القاسمي محاسن التاويل (القاسمي) ، الجزء : 2 ، الصفحة : 138

 1,287 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *