سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لأزْوَاجِهِم مَّتَاعًا …) 116 .

تفسير قوله تعالى( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لأزْوَاجِهِم مَّتَاعًا …) 116 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (116)

قال تعالى( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لأزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ، وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ،كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) سورة البقرة من الاية 239 الى 242 .

نتعرض في هذه الايات الى مطالب

اولا : هل الاية منسوخة  

قال بعض المفسرين ان هذه الاية المباركة (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لأزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ ) منسوخة بقوله تعالى (والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ويَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْراً ) ([1]). وهذه الاية حددت عدة المتوفي عنها زوجها  باربعة اشهر وعشرا .

وكذلك منسوخة بالاية التي حددت ميراث الزوجة المتوفي عنها زوجها وهي قوله تعالى ( ولَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ) وقد ورد عن اهل البيت عليهم السلام ما يشير الى موضوع النسخ كما روي عن أبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام ( كان الرّجل إذا مات، أنفق على امرأته من صلب المال حولاً، ثُمَّ أخرجت بلا ميراث، ثُمَّ نسختها آية الربع والثمن، فالمرأة يُنفق عليها من نصيبها ) ([2]).

وقال ابن كثير : قَالَ الْأَكْثَرُونَ: هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِالَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ ) ([3])

ولكن يمكن القول ان هذه الاية غير منسوخة فلا وجود للتعارض بينها وبين الايات الاخرى فان الحكم بالعدة لمدة اربعة اشهر وعشرا هذا حكم لفترة العدة التي يجب ان لا تتزوج فيه المراة بعد وفاة زوجها، والبقاء سنة كاملة اذا ارادت البقاء في بيت الزوج بحيث يمكن لها الاستفادة من النفقة والسكن ،واما اذا رفضت فيمكن لها الخروج بعد الاربعة اشهر  وعشرا.

وما يمكن ان يستدل به على ذلك وان الاية غير منسوخة ما ذهب اليه السيد الخوئي﴾([4])  ان المنسوخ من القران اية واحدة وهي اية النجوى وهو قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾([5])  والتي فرضت على من يتحدث مع رسول الله بصدقة ثم لم يعمل بها غير الامام علي عليه السلام فنسخت بهذه الاية وهو قوله تعالى ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾([6]) فنسخت حكم الآية السابقة .

الثاني : للزوجة  الخروج بعد انتهاء العدة

بعد انتهاء العدة التي حددها الله تعالى للمرأة المتوفي عنها زوجها منع الله تعالى من له الولاية على المرأة في ان تفعل في نفسها ما تريد من ترك الحداد والتزين وزواج وخروج وتعرض للخطاب  وكل ذلك يجب ان يكون بالمعروف كما قال تعالى ( فَإنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكم في ما فَعَلْنَ في أنْفُسِهِنَّ مِن مَعْرُوفٍ﴾ .

﴿واللَّهُ عَزِيزٌ﴾ غالِبٌ عَلى أمْرِهِ، يَنْتَقِمُ مِمَّنْ خالَفَ أمْرَهُ في الإيصاءِ وإنْفاذِ الوَصِيَّةِ وغَيْرِ ذَلِكَ ﴿حَكِيمٌ﴾ يُراعِي فِي أحْكامِهِ مَصالِحَ عِبادِهِ، فَيَنْبَغِي أنْ يُمْتَثَلَ أمْرُهُ ونَهْيُهُ([7])

ثانيا : المتاع هدية للمطلقة تهدى بعد انتهاء العدة

يوجد في هذه الاية المباركة رايان للمفسرين ( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) .

الراي الاول :

 ان الاية تاكيد للاية السابقة وهو قوله تعالى (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) ([8]) ، وهو اعطاء المتعة والهدية للمرأة التي خلى عقدها من المهر في متن العقد وجاء بتاكيد الحكم حتى لا يهمل الحكم .

الراي الثاني :

 ان هذه الهدية ،هدية الوداع والفراق ،وهو دلالة على ان الطلاق الذي حصل بين الزوجين انما هو نتيجة الظروف بين الزوجين والتي لا يمكن ان تطاق، وليس للعقد النفسية التي يعشها الزوج تجاه زوجته فمن اجل حياة كريمة يعيشها الزوج والزوجة بحياة جديدة فعلى كل واحد منهم ان يحترم الاخر وينفصل عن الاخر باسلوب جميل ولذلك ومن اجل ذلك على الزوج ان يهدي هدية تكون بمثابة وداع اخير منه الى زوجته بعد العدة .

قال القاسمي : أيْ: لِلْمُطَلَّقاتِ مُتْعَةٌ مِن جِهَةِ الزَّوْجِ بِقَدْرِ الإمْكانِ، جَبْرًا لِوَحْشَةِ الفِراقِ، وأمّا المَهْرُ فَهو حَقُّ البُضْعِ([9]).

ثالثا : الاحكام للعمل  

الاحكام الالهية جاءت من اجل الانسان ومن اجل نظام الحياة ومن اجل ان يعمل بها الانسان حتى تنتظم الحياة ،فالقوانين عندما يعمل بها الانسان تنتظم الحياة واذا لم يعمل بها الانسان سوف تسود الفوضى في العلاقات الاجتماعية ولذلك فالعمل بالاحكام نتيجة العقل والتعقل

قال تعالى ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) أي: كما بين الله لكم الأحكام والآداب التي مضت مما تحتاجون إلى معرفتها في دينكم، يبين لكم هذه الأحكام ولكي تعقلوا آيات الله ، وقيل: لعلكم تكمل عقولكم، فإن العقل الغريزي إنما يكمل بالعقل المكتسب([10]).

_________________________________________

([1]) سورة البقرة : الاية 234 .

([2]) تفسير العياشي المؤلف : محمد بن مسعود العياشي    الجزء : 1  صفحة : 129

([3]) تفسير ابن كثير ت سلامه (ابن كثير) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 658

([4]) البيان في تفسير القرآن ، السيد الخوئي، ص 287-381.

([5]) سورة المجادلة : الاية 12 .

([6])سورة المجادلة : الاية 13.

([7]) تفسير الالوسي روح المعاني (الألوسي، شهاب الدين) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 552

([8])سورة البقرة من الاية 235

([9])تفسير القاسمي محاسن التاويل (القاسمي) ، الجزء : 2 ، الصفحة : 172

([10]) تفسير مجمع البيان المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 2  صفحة : 132

 847 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *