سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ ………….)57 .

تفسير قوله تعالى( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ ………….)57 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (57)

قال تعالى( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ).  سورة البقرة الاية 134 .

نتناول في هذه الاية مطالب

الاول : الانسان المعاصر ليس مسؤولا عن الامم السابقة

هذه الاية المباركة ردا على اليهود الذين يفتخرون بانتسابهم الى الامم السابقة وهي الامة اليهودية، ولذلك هنا الله تعالى يقول لهم انتم لستم مسؤولين عن تلك الفترة وما جرى فيها من احداث فالذين عاشوا في تلك الفترة هم المسؤولون عن سلبياتها وايجابياتها وتلك صفحة قد طويت من الحياة والتاريخ ، ولكن انتم مسؤولون عن حاضركم وما تقدمون لانفسكم من خير او شر واتباعكم للرسالة الخاتمة وما فيها من قوانين واحكام ، فلا تشغلوا انفسكم في الماضي الذي لا يجر لكم النفع ،وهذه الاية من قبيل قوله تعالى ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ)([1]) .

الثاني: على الانسان ان يفتخر بنفسه

البعض من الناس لانه اصبح فارغا من القيم والاخلاق والفكر والعلم والاداب ليس لديه الا الافتخار بالاباء والاجداد والاحساب والانساب وما عليه ابائه من مناصب واموال وغيرها من متع الحياة الدنيا ، والحال ان كل انسان عليه ان يكون هو صاحب اخلاق وادب وعلم ومعرفة ،لان كل انسان سوف يحاسب على عمله هو؟ سواء في الدنيا او الاخرة، ومن هذا انطلق اهل البيت عليهم السلام في تعليم شيعتهم فهذا زين العابدين عليه السلام كيف يجيب طاووس اليماني يقول طاووس اليماني ؛ رأيت في جوف الليل رجلا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول :

 ألا أيها المأمول في كل حاجة * شكوت إليك الضر فاسمع شكايتي

ألا يا رجائي أنت كاشف كربتي * فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي

فزادي قليل ما أراه مبلغي * أ للزاد أبكي أم لبعد مسافتي

أتيت بأعمال قباح ردية * فما في الورى خلق  جنى كجنايتي

أتحرقني في النار يا غاية المنى * فأين رجائي منك أين مخافتي ؟

قال : فتأملته فإذا هو علي بن الحسين عليهما السلام ، فقلت : يا ابن رسول الله ، ما هذا الجزع وأنت ابن رسول الله ! ولك أربع خصال : رحمة الله ، وشفاعة جدك رسول الله ، وأنت ابنه ،  وأنت طفل صغير  . فقال له : ” يا طاووس ، إنني نظرت في كتاب الله فلم أر لي من ذلك شيئا ، فإن الله تعالى يقول : ” ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ” وأما كوني ابن رسول الله ، فإن الله تعالى يقول : ” فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا  تساءلون ، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ”  وأما كوني طفلا ، فإني رأيت الحطب الكبار لا يشتعل إلا بالصغار “ثم بكى عليه السلام حتى غشي عليه ([2]).

وفي الحديث عن النبي ’ : ( يا بني هاشم لا يأتيني الناس بأعمالهم ، وتأتوني بأنسابكم ) وقال عليه السلام: (من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه) ([3]).

الثالث : يجب الاهتمام في فلسفة التاريخ للعبرة

مشكلتنا الكبرى التي نقع فيها دائما كبشر اننا لا نقرا فلسفة التاريخ وما وقع في الامم السابقة وكيف بنيت الحضارات وكيف تهدمت الحضارات كي ناخذ الكثير من العبر والعظات وحتى لا نقع في الاخطاء التي وقع فيها الاسلاف ،وهذا معنى كل ما جاءت امة لعنت اختها لانها لم تستفيد من الامم السابقة بل سارت على نفس المنهج بل ربما اسوء ،لذلك يجب الاهتمام في فلسفة التاريخ في مدارسنا وجامعاتنا ويجب ان تكون هناك مؤسسات فكرية تهتم في فلسفة التاريخ حتى يمكن الاستفادة من التاريخ بشكل عملي ؟.

لذلك قال تعالى {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}([4]).

وقال تعالى {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا  فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}([5]).

وقال تعالى {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ  كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ  فَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}([6]).

الرابع : لا تقليد في اصول الدين

يجب على الانسان النظر والمعرفة من اجل الوصول الى حقانية دينه ولا يعتمد في دينه على فكر ونظر ابائه لان الاباء قد يكونون على صح وقد يكونون على خطأ ومن هنا ياتي دور الانسان في التحقيق للوصول الى المنهج الصحيح للدين .

قال الرازي : الآية دالة على بطلان التقليد، لأن قوله: * (لها ما كسبت) * يدل على أن كسب كل أحد يختص به ولا ينتفع به غيره، ولو كان التقليد جائزا لكان كسب المتبوع نافعا للتابع، فكأنه قال: إني ما ذكرت حكاية أحوالهم طلبا منكم أن تقلدوهم، ولكن لتنبهوا على ما يلزمكم فتستدلوا وتعلموا أن ما كانوا عليه من الملة هو الحق([7])..

_________________________________________

([1]) سورة فاطر : الاية 18 .

([2]) الصحيفة السجادية ( ابطحي ) ، الإمام زين العابدين ( ع ) ،ص 505  .

([3]) أحكام القرآن ، أبو بكر الجصاص ، ج 1 ، ص 102 .

([4]) سورة آل عمران : الاية ١٣٧ .

([5]) سورة الحج : الاية 46 .

([6]) سورة الروم : الاية 9 .

([7])تفسير الرازي المؤلف : الامام الفخر الرازي    الجزء : 4  صفحة : 87

 623 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *