سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى ( أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ ….) 80 .

تفسير قوله تعالى ( أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ ….) 80 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (80)

قال تعالى( أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) سورة البقرة الاية من 184 الى 185.

نتعرض في هاتين الايتين الى مطالب عدة

الاول  :معنى الايام المعدودة

هناك رايان في الايام المعدودة

1- الراي الاول ؛ ان الله فرض الصيام ثلاثة ايام من كل شهر

قال الطبرسي : أنها غير شهر رمضان وكان ثلاثة أيام من كل شهر ثم نسخ عن معاذ وعطاء وعن ابن عباس، وروي ثلاثة أيام من كل شهر وصوم عاشورا عن قتادة([1]) .

2- والراي الاخر؛ ان الايام المعدودة هو شهر رمضان وهذا هو ما اجمع عليه الاكثر من العلماء والفقهاء ، روي عن الحسن عليه السلام قال «جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أنّه قال له: لأي شيء فرض الله (عز وجل) الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوماً، وفرض الله على الأمم أكثر من ذلك؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : إن آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش، والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله (عز وجل) عليهم وكذلك كان على آدم عليه السلام، ففرض الله ذلك على أمتي، ثم تلا هذه الآية {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ،أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} ([2]) .

وقال القرطبي : والأيام المعدودات : شهر رمضان ، وهذا يدل على خلاف ما روي عن معاذ([3]) .

الثاني : الافطار في السفر واجب وليس رخصة

يختلف الشيعة عن المذاهب الاخرى بان الافطار في السفر واجب وليس رخصة،وفقهاء الشيعة انما ذهبوا الى ذلك تبعا لروايات النبي واهل البيت صلوات الله عليهم، فعن النبي صلى الله عليه واله قال ( ليس من البر الصيام في السفر) ([4]) .وعن علي بن الحسين (عليه السلام) في حديث : قال : (وأمّا صوم السفر والمرض فإنّ العامّة قد اختلفت في ذلك, فقال قوم : يصوم, وقال آخرون: لا يصوم, وقال قوم : إن شاء صام وإن شاء أفطر, وأمّا نحن فنقول : يفطر في الحالين جميعاً, فإن صام في حال السفر أو في حال المرض فعليه القضاء, فإنّ الله عزّ وجلّ يقول ( فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدّة من أيّام أخر ) ([5])

عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ( سمّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوماً صاموا حين أفطر وقصّر : عصاة, وقال : هم العصاة إلى يوم القيامة, وإنّا لنعرف أبناء أبنائهم إلى يومنا هذا) ([6]).

وقد يقال بان السفر في زماننا لا مشقة فيه لوجود الوسائل المريحة من الطائرات والسيارات وغيرها من وسائل النقل ،ولذلك يمكن للمكلف ان يصوم في السفر ولا يفطر .

والجواب عليه : ان الاحكام الشرعية الالهية من عند الله ولا يمكن للعقل البشري ان يدرك حقيقة ملاكات الاحكام والمصالح والمفاسد في نفس الاحكام حتى يستطيع ان يقرر المصلحة من المفسدة وبالتالي على الانسان ان يخضع لهذه الاحكام .

قال السيستاني : أن لا يكون مسافراً سفراً يوجب قصر الصلاة، فإنه لا يجوز له أداء الصوم الواجب، إلا في ثلاثة مواضع:أحدها: الثلاثة أيام وهي التي بعض العشرة التي تكون بدل هدي التمتع لمن عجز عنه.ثانيها: صوم الثمانية عشر يوماً، التي هي بدل البدنة كفارة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب.ثالثها: صوم النافلة في وقت معين، المنذور إيقاعه في السفر أو الأعم منه ومن الحضر.وكذلك لا يجوز الصوم المندوب في السفر، إلا ثلاثة أيام للحاجة في المدينة، والأحوط لزوماً أن يكون ذلك في الأربعاء والخميس والجمعة ([7]).

الثالث : المرض الذي يجب فيه الافطار

من الموارد التي يجوز فيها الافطار المرض ،فالمكلف المريض والذي يتضرر من المرض لا يصح منه الصوم وهو ما عليه الفقهاء .

قال السيستاني : لا يصح الصوم من المريض ــ ومنه الأرمد ــ إذا كان يتضرر به لإيجابه شدته أو طول برئه أو شدة ألمه، كل ذلك بالمقدار المعتد به الذي لم تجر العادة بتحمل مثله، ولا فرق بين حصول اليقين بذلك والظن والاحتمال الموجب لصدق الخوف المستند إلى المناشئ العقلائية، وكذا لا يصح الصوم من الصحيح إذا خاف حدوث المرض فضلاً عما إذا علم ذلك، أما المريض الذي لا يتضرر من الصوم فيجب عليه ويصح منه ([8]).

الرابع : احكام القضاء في شهر رمضان

من فاته صوم شهر رمضان لعذرٍ أو بدونه وجب عليه قضاؤه في غيره من أيام السنة إلا يومي العيدين « الفطر والأضحى » فلا يجوز صومهما مطلقاً ، ويستثنى من وجوب القضاء

1- المريض الذي أستمر مرضه إلى رمضان الأتي فلم يتمكن من القضاء في مجموع السنة فأنه يسقط عنه القضاء ، وعليه الفدية أي يتصدق بدل كل يوم بثلاثة أرباع الكيلو تقريباً من الطعام .

2- الشيخ والشيخة إذا تعذر عليهما الصوم أو كان يسبب لهما حرجاً ومشقة فأنه لا يجب عليهما الصوم ولا يجب عليهما قضاؤه ، ولكن يدفعان الفدية في صورة عدم تعذر الصوم عليهما وإلا فلا شيء عليهما . وقد اشار الله الى الشيخ والشيخة بقوله (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ )

3 ـ ذو العطاش أي المريض الذي يشرب الماء ولا يروي فإن حكمه حكم الشيخ والشيخة .

قال السيستاني : لا يجب قضاء ما فات زمان الصبا، أو الجنون أو الإغماء أو الكفر الأصلي، و يجب قضاء ما فات في غير ذلك من ارتداد، أو حيض، أو نفاس، أو نوم، أو سكر، أو مرض، و إذا رجع المخالف إلى مذهبنا يجب عليه قضاء ما فاته و أما ما أتى به على وفق مذهبه، أو على وفق مذهبنا مع تمشي قصد القربة منه فلا يجب قضاؤه عليه ([9]).

الخامس  : الاسلام دين اليسر وليس دين العسر

هذه الجملة ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) وان وردت في سياق حكم الصوم ولكنها لا تختص بالصوم وانما تشمل كل الاحكام الالهية فالاحكام الالهية كلها جاءت ميسورة على المكلف وتتلائم مع الطبيعة النفسية للانسان والله تعالى يقول (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) ([10]). وكذلك ورد في الحديث « يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا »([11]). .وعلى ذلك فالاسلام دين اليسر وليس دين العسر.

السادس : القران كتاب هداية انزل في شهر رمضان

القران كما قلنا سابقا هو كتاب هداية وليس كتاب فيزياء او رياضيات او طب ،والقران الكريم يعطي القواعد الصحيحة البينة للحق والباطل والشر والخير والهدى والضلال والعلم والجهل ، والقران الكريم انزل في شهر رمضان كما اشارت الاية المباركة ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) .وفي ليلة القدر كما ال تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ([12]).  وقال : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) ([13]). ولكن هذا النزول وكيفيته قد اختلف فيه المفسرون .

 قال الطبرسي : اختلف في قولـه (أنزل فيه القرآن) فقيل إن الله أنزل جميع القرآن في ليلة القدر إلى السماء الدنيا ثم أنزل على النبي بعد ذلك نجوم في طول عشرين سنة ، وقيل إن الله تعالى ابتدأ إنزالـه في ليلة القدر من شهر رمضان ،وقيل إنه كان ينزل إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ما يحتاج إليه في تلك السنة جملة واحدة ثم ينزل على مواقع النجوم إرسالاً في الشهور والأيام .

السابع : التكبير لله واكمال العدة

قوله تعالى : ولتكملوا العدة فيه تأويلان : أحدهما : إكمال عدة الأداء لمن أفطر في سفره أو مرضه . الثاني : عدة الهلال سواء كانت تسعا وعشرين أو ثلاثين .

 واختلف في التكبير بين الفقهاء هل هو واجب ام مستحب .قال صاحب المدارك ،    استحباب التكبير في الفطر عقيب هذه الفرائض الأربع مذهب أكثر الأصحاب. وظاهر المرتضى ـ رضي‌الله‌عنه ـ في الانتصار أنه واجب([14]).

عن سعيد النقاش قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام لي : أما إن في الفطر تكبيراً ولكنه مسنون ، قال : قلت : وأين هو؟ قال : في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الأخرة ، وفي صلاة الفجر ، وفي صلاة العيد ثم يقطع ، قال : قلت : كيف أقول؟ قال : تقول : الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، وهو قول الله عزّ وجلّ : ( وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ ) يعني الصيام ( وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَيكُم ) ([15]).

_____________________________________________________

([1])تفسير مجمع البيان (الشيخ الطبرسي) ، الجزء : 2 ، الصفحة : 9

([2])الأمالي المؤلف : الشيخ الصدوق    الجزء : 1  صفحة : 260

([3])  تفسير القرطبي (القرطبي) ، الجزء : 2 ، الصفحة : 276

([4]): احكام القران للطحاوي (الطحاوي) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 436

([5])وسائل الشيعة -الإسلامية المؤلف : الشيخ الحر العاملي    الجزء : 7  صفحة : 123

([6])الكافي- ط الاسلامية (الشيخ الكليني) ، الجزء : 4 ، الصفحة : 128

([7]) منهاج الصالحين (السيد علي الحسيني‌ السيستاني) ، ج1 ، ص 331 .

([8]) منهاج الصالحين ، السيد علي الحسيني‌ السيستاني ، ج1 ، ص 332 .

([9]) منهاج الصالحين (السيد علي الحسيني‌ السيستاني) ، ج1 ، ص 336 .

([10]) سورة البقرة : الاية 286 .

([11]) تفسير الثعالبي الجواهر الحسان في تفسير القران ، الثعالبي، أبو زيد ، ج 1 ، ص382 .

([12]) سورة القدر : الاية 1 .

([13]) سورة الدخان : الاية 3 .

([14]) مدارك الأحكام المؤلف : السيد محمّدالموسوي العاملي    الجزء : 4  صفحة : 115

([15]) وسائل الشيعة ط-آل البیت المؤلف : العلامة الشيخ حرّ العاملي    الجزء : 7  صفحة : 456

 1,893 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *