منهج الاستقامة -الموقع الرسمی للشیخ عبدالرضا البهادلی الموقع الرسمی للشیخ عبدالرضا البهادلی
المصباح في تفسير آيات القرآن المجيد (2)
سورة الفاتحة
قال تعالى ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) سورة الفاتحة الاية (1)
ونتناول في البسملة عدة مطالب
المطلب الاول : اسماء السورة
ذكر المفسرون اسماء متعددة لسورة الفاتحة
1- فاتحة الكتاب : لأنها أول سورة في كتابة المصاحف ،وهي الفاتحة لكل خير ولوجوب قراءتها في أول الصلاة .
قال القاسمي ( فاتحة الشيء : أوله وابتداؤه. ولمّا افتتح التنزيل الكريم بها، إمّا بتوقيف من النبيّ صلى الله عليه وسلّم، أو باجتهاد من الصحابة- كما حكى القولين القاضي الباقلانيّ في ترتيب التنزيل- سمّيت بذلك قال السيد الجرجانيّ: فاتحة الكتاب صارت علما بالغلبة لسورة الحمد ([1]) .
قال البلاغي : تواترت تسميتها بفاتحة الكتاب و من ذلك قوله ’ لا صلاة لمن لم يقرء بفاتحة الكتاب([2]) .
2- السبع المثاني : عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله ’ مَا أنزل الله فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الإِنجيل وَلَا فِي الزبُور وَلَا فِي الْفرْقَان مثل أم الْقُرْآن وَهِي السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أُوتيت وَهِي مقسومة بيني وَبَين عَبدِي ولعبدي مَا سَأَلَ ([3])
وعن الصادق عليه السلام :(وانما سميت المثاني لأنها تثنى في الركعتين) ([4]) .
3 – أمّ القرآن ،لانها متقدمة على ما سواها في القرآن ، فأما تسميتها بأم القرآن، فلتقدمها وتأخر ما سواها تبعاً لها، صارت أما لأنه أمته أي تقدمته، وكذلك قيل لراية الحرب: أم لتقدمها واتباع الجيش لها، قال الشاعر:
قال الشاعر: (على رأسه أم لها يقتدى بها … جماع أمور لا يعاصى لها أمر) ([5]) .
ومنهما يكن ، فان التسمية امر سهل وتصح لادنى شبهة .
4- وقد ذكر القرطبي اسماء كثيرة فقال( في أسمائها، وهي اثنا عشر اسما: الصلاة ، الحمد،فاتحة الكتاب ،أم الكتاب،ام القران ، المثاني ، الشفاء ،القرآن العظيم،الرقية ، الاساس ،الوافية ،الكافية ) ([6]) .
المطلب الثاني : البسملة لغة واصطلاحا :
لغة : البسملة بمعنى بسمل الرجل قال بسم الله ، نحو حوقل الرجل، قال:( لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم) ونحو هلل الرجل قال :(لا اله الا الله)
قال ابن منظور ( بسمل : التهذيب في الرباعي : بَسْمَل الرجلُ إِذا كتب بسم الله بَسْمَلة ؛وأَنشد قول الشاعر :
لقد بَسْمَلَت لَيْلى غَداةَ لَقِيتُها ، * فيا حَبَّذا ذاك الحَبِيبُ المُبَسْمِل ([7])
واصطلاحا : هي الاية المباركة التي يبتدا بها قراءة القرآن في الصلاة وغير الصلاة، بل يستحب قراءة الاية في كل الافعال .
المطلب الثالث : اية البسملة جزء من كل سورة ما عدا براءة
يوجد رايان في البسملة وهل هي اية من كل سورة او انها اية من سورة واحدة
(أ) راي علماء الشيعة
لا خلاف بين علماء ومفسري الامامية في اية البسملة وانها اية من كل سورة ما عدا براءة قال الشيخ الطوسي 🙁 بسم الله الرحمن الرحيم ) آية من كل سورة من جميع القرآن ، وهي آية من أول سورة الحمد <([8]) .
قال ابن ادريس الحلي :> وشيخنا أبو جعفر يحتج على المخالفين ، بأن البسملة آية من كل
سورة ، بأنها ثابتة في المصاحف ، يعني البسملة ، بإجماع الأمة<([9]) .
قال العلامة الحلي:( البسملة آية من الحمد ، ومن كل سورة عدا براءة ، وفي النمل آية وبعض آية)([10]) .
في المصادر السنية قال ( إذا قرأتم الحمد فاقرؤا بسم الله الرحمن الرحيم فإنها من أم الكتاب ، وأنها السبع المثاني ، وبسم الله الرحمن الرحيم احداها)([11]) .
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وقد سأله معاوية بن عمار إذا قمت إلى الصلاة أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة القرآن ؟ قال : ” نعم ” قلت : فإذا قرأت فاتحة القرآن أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم مع السورة ؟ قال : ” نعم ” ([12]) .
وعن الحر العاملي بسنده عن أمير المؤمنين : (أنه قال بسم الله الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب وهي سبع آيات تمامها بسم الله الرحمن الرحيم)([13]) .
(ب) خلاف بين العامة في البسملة
وقع خلاف بين علماء الى العامة في البسملة الى اراء متعددة .
قال ابن حجر ( الذي يتحصل من البسملة أقوال أحدها أنها ليست من القرآن أصلا إلا في سورة النمل وهذا قول مالك وطائفة من الحنفية ورواية عن أحمد، ثانيها أنه آية من كل سورة أو بعض آية كما هو مشهور عن الشافعي ومن وافقه وعن الشافعي أنها آية من الفاتحة دون غيرها وهو رواية عن أحمد ،ثالثها أنها آية من القرآن مستقلة برأسها وليست من السور بل كتبت في أول كل سورة للفصل)([14]).
المطلب الرابع: معاني البسملة
البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) دخول وولوج الى عالم الله وعالم الملكوت، والتجرد من عالم المادة والتخلص من كل ما سوى الله ومن الحول والقوة، والاستعانة بحول الله وقوته والوقوف على باب الحبيب للتزود من فيضه وعطره وقربه .
فيا ايها الحبيب مسنا الضر،فوفقنا ان نول وجوهنا شطرك بحق الحبيب المصطفى واله الاخيار صلواتك عليهم اجمعين .
قال صاحب الميزان :>وقد جرى كلامه تعالى هذا المجرى([15]). ، فابتدأ الكلام باسمه عز اسمه ، ليكون ما ،يتضمنه من المعنى معلما باسمه مرتبطا به ، وليكون أدبا يؤدب به العباد في الأعمال والافعال والأقوال ، فيبتدئوا باسمه ويعملوا به ، فيكون ما يعملونه معلما باسمه منعوتا
بنعته تعالى مقصودا لأجله سبحانه فلا يكون العمل هالكا باطلا مبترا ، لأنه باسم الله الذي لا سبيل للهلاك والبطلان إليه<([16]).
وقال جواد مغنية :>ومعنى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » بجملة انك قد ابتدأت عملك مستعينا باللَّه الذي وسعت رحمته كل شيء مسجلا على نفسك ان ما تفعله هو باسم اللَّه ، لا باسمك أنت ، ولا باسم أحد سواه ، تماما كما يقول موظف الدولة للرعايا : باسم الدولة عليكم كذا وكذا . . وان عملك الذي باشرت هو حلال لا شائبة فيه لما حرم اللَّه . . فان كان حراما ، وفعلته باسم اللَّه فقد عصيت مرتين في آن واحد ، وفعل واحد : مرة لأنه حرام بذاته ، ومرة لأنك كذبت في نسبته إلى اللَّه . . تعالى علوا كبيرا< ([17]).
وقال رشيد رضا :> وحاصل المعنى أنني أعمل عملي متبرئا من أن يكون باسمي ، بل هو باسمه تعالى ، لأنني استمد القوة والعناية منه وأرجو إحسانه عليه ، فلولاه لم أقدر عليه ولم أعمله ، ومعنى البسملة في الفاتحة أن جميع ما يقرر في القرآن من الأحكام والآيات وغيرها هو لله ومنه ، ليس لأحد غير الله فيه شيء([18]).
_______________________________________
([1])جامع أحاديث الشيعة ، السيد البروجردي ،ج 5 ، ص115.
([2]) آلاء الرحمن فى تفسير القرآن ، محمد جواد نجفی بلاغی ،ج 1 ،ص 50 .
([3])الدر المنثور في التفسير بالماثور ، السيوطي ،ج 1 ،ص 13 .
([4])جامع أحاديث الشيعة ، السيد البروجردي ،ج 5 ، ص115.
([5]) تفسير الماوردي النكت والعيون ، الماوردي ،ج1 ،ص 46 .
([6]) تفسير القرطبي ،القرطبي ،ج1 ،ص113 .
([7]) ابن منظور : لسان العرب ، ج11 ، ص56 .
([8]) الشيخ الطوسي : محمد بن الحسن ،الخلاف ، ج1 ،ص328 .
([9])ابن ادريس الحلي : السرائر ،ج1 ،ص221 .
([10])العلامة الحلي : تذكرة الفقهاء ( ط.ج ) ، ج3 ،ص132 .
([11]) البيهقي : أحمد بن الحسين البيهقي ،السنن الكبرى ، ج 2 ،ص 45 . الناشر : دار الفكر .
([12]) الشيخ الكليني : محمد بن يعقوب ، الكافي ، ج3 ، ص 312 .
([13]) الشيخ الحر العاملي : محمد بن الحسن ، وسائل الشيعة ، ج6 ،ص 59 .
([14]) المناوي : فيض القدير شرح الجامع الصغير ، ج6 ، ص344 . تحقيق : تصحيح أحمد عبد السلام ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : 1415 – 1994 م ، الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت .
([15]) بعض الناس يعملون العمل ويقرنونه باسم عزيز لهم ليكون عملهم مباركا ، وكذلك ليبقى الاسم الاول نوع بقاء يذكرهم به ،وهذا موجود في الاسماء كذلك .
([16]) السيد الطباطبائي : محمد حسين ،تفسير الميزان ،ج1 ،ص15 .
([17]) مغنية : محمد جواد ،الكاشف ،ج1 ،ص25 .
([18]) تفسير المنار ، محمد رشيد رضا ، ج 1 ،ص 37 .
787 total views, 1 views today
