سرخط خبرها
خانه / نصوص و مقالات / مقالات فی شرح الشعر العرفاني / شرح شعر عرفاني ،فاحت رائحة المسك من ذلك المكان في اخر الوقت (2)

شرح شعر عرفاني ،فاحت رائحة المسك من ذلك المكان في اخر الوقت (2)

غزل (البيت الثاني ) قال حافظ الشيرازي

به بوى نافه اى كاخر صبا زان طره بكشايد

                                          زتاب جعد مشكينش چه خون افتاد در دلها

ترجمة البيت .

فاحت رائحة المسك من ذلك المكان في اخر الوقت  

                      ومن طيات شعراتها المجعدة السوداء اي دم وقع في القلب

في هذا البيت سوف نتناول عدة مطالب

اولا : معنى النفحات في اللغة    

  نَفَحَ الطِيبُ يَنْفَحُ، أي فاحَ. وله نَفْحَةٌ طيِّبة.ونَفَحَهُ بشيء، أي أعطاه. يقال: لا يزال لفلان نَفَحاتٌ من المعروف. قال الشاعر:

لمَّا أتَيْتُكَ أرجو فضلَ نائِلِكُمْ … نَفَحْتَني نَفْحَةً طابَتْ لها العَرَبُ

أي طابت لها النفس. ونَفَحَتِ الريحُ: هبَّت([1]).

ثانيا : النفحات الالهية

 هي ما ينشره ويفيضه الله تعالى على العباد من الخيرات والعطايا والمواهب الخاصة والعامة . وقد ورد في الكتاب الكريم ما يشير الى هذه الحقيقة وكذلك الروايات الشريفة والادعية .

(أ)القران الكريم :

1- وقوله تعالى: ﴿وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً –﴾([2]).

2- وقوله تعالى: ﴿  وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ٱلإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ ٱلْكُفْرَ وَٱلْفُسُوقَ وَٱلْعِصْيَانَ –﴾([3]).

3- وقوله تعالى : {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}([4]).

4- وقوله تعالى:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ }([5]).

وما ورد في هذه الايات المباركة عبارة عن النفحات الالهية والفيض الالهي والفضل الرباني والذي بسببه انقذ الله العباد من عبادة الشيطان وتزيين الايمان في القلب والاخراج من الظلمات الى النور .

(ب) الروايات    

 قال النبي صلى الله عليه واله : ” ان لله في أيام دهركم نفحات الا فترصدوا لها “([6]). والترصد لها بالاستعداد والدعاء والتوسل وايجاد الارضية حتى يمكن حصول الفيض الالهي والا فلا يمكن قبول الفيض ما دامت الاواني غير قابلة للفيض .

(ج) الادعية

وفي كتب الادعية كما عن الطوسي والكفعمي : ( الهي تعرض لك في هذا الليل المتعرضون ، وقصدك القاصدون ، وأمل فضلك ومعروفك الطالبون ، ولك في هذا الليل نفحات وجوائز وعطايا ومواهب ، تمن بها على من تشاء من عبادك ، وتمنعها من لم تسبق له العناية منك ، وها انا ذا عبيدك الفقير إليك ، المؤمل فضلك ومعروفك . فان كنت يا مولاي تفضلت في هذه الليلة على أحد من خلقك ، وعدت عليه بعائدة من عطفك ، فصل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ، الخيرين الفاضلين ، وجد علي بطولك ومعروفك يا رب العالمين ، وصلى الله على محمد خاتم النبيين وآله الطاهرين وسلم تسليما ، ان الله حميد مجيد . اللهم إني أدعوك كما أمرت فاستجب لي كما وعدت انك لا تخلف الميعاد ) ([7]).

ثالثا : النفحات عامة وخاصة

 (أ) النفحات العامة :

 هي عبارة عن الفيض الالهي والرحمة الالهية التي تشمل العباد جميعا ولا يوجد استثناء فيها لاحد من العباد ولكن كل واحد منهم ياخذ بحسب قابليته واستعداده ولعل بعضهم لا يستفيد من هذه النفحات شيئا وهذا الفيض وهذه النفحات لها اوقات وازمنة خاصة ،وامكنة خاصة . كنفحة الصيام والصلاة وقراءة القرآن وغيرها من العبادات والاعمال التي يقوم بها الانسان في يومه وكذلك زيارة مراقد الاولياء عليهم السلام والحضور في المساجد .

(ب) النفحات الخاصة

 والفيض الخاص عبارة عن الرعاية والعناية الالهية لبعض الناس لوجود المؤهلات والقابلية النفسية في ذات العبد للوصول الى الملكات وتحصيل الفضائل وهذه المؤهلات النفسية لا تتوفر في غيره من الناس والعبيد ، وهذا العبد اذا تولى الله امره فسوف يربيه التربية التي توصله الى مراتب النفس المطمئنة والقرب الالهي .لذلك ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال : { قال الله تعالى لا أطلع على قلب عبد ، فأعلم فيه حب الإخلاص لطاعتي لوجهي ، وابتغاء مرضاتي إلا توليت تقويمه وسياسته  } ([8]).

ومع ذلك يحتاج هذا العبد الى دوام الاستعداد لنيل هذا الفيض كما ورد في الحديث فی الحدیث المستفیض «انّ لربکم فی أیام دهرکم نفحات، ألا فتعرضوا لها بکثرة الاستعداد»  ([9]).

رابعا : القبض والبسط

من اسماء الله تعالى (القابض والباسط ) قال تعالى (وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾([10]).

و عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ما من قبض ولا بسط إلاّ ولله فيه مشيئة وقضاء وابتلاء ) ([11]).

والقبض هو الامساك ،والبسط عبارة عن النشر والجود والانعام، وللقبض والبسط معاني كثيرة وكل شيء بحسبه ،كما في الرزق والحياة والسرور والافراح والاحزان والالم والصحة وفي الاخلاق وفي الدعاء وفي كل هذه الامور يختبر الله عباده لكي يريهم ملكاتهم النفسية وكيف يتعاملون مع هذه الابتلاءات في الحياة باختيارهم .

خامسا :العارف بين القبض والبسط

 العارف في سيره وسلوكه الى الله يعيش بين القبض والبسط وهذا من شؤون القلب ،فتارة يعيش القلب البسط والانشراح والبهجة والسرور بواسطة النفحات الالهية التي تحصل بين العاشق والمعشوق ، ولهذا قال حافظ الشيرازي في حالة البسط انه فاحت رائحة المسك (فاحت رائحة المسك من ذلك المكان في اخر الوقت ) .؟ وتارة اخرى يعيش العارف القبض والحيرة في القلب وعندها يشعر بالالم والحزن وقد عبر عن حالة القبض بالدم الذي يسقط في القلب .ولذا قال حافظ (ومن طيات شعراتها المجعدة السوداء اي دم وقع في القلب). والشعر الاسود المجعد كناية عن القبض وهذه الرمزية متداولة عند اهل المعرفة في شعرهم الصوفي والعرفاني .

 قال حاج ملا هادي سبزواري (القبض ،ورود شئ في قلب العارف من الله تعالى فيه إشارة إلى تقصير واستحقاق تأديب على التقصير ، والبسط ورود شئ في قلبه فيه بشارة بلطف وترحيب ) ([12]).

سادسا :خلاصة البيت الشعري 

وخلاصة البيت الشعري ،بعد الجهد والمجاهدة والعناء والانتظار الطويل وسقوط الدم من القلب فاحت رائحة العطر (الفيض الالهي) من الكيس المغلوق ،ومن يريد ان يفتح له الكيس المغلوق المملوء بالعطر (الفيض الالهي )عليه بالمجاهدة والرياضة والصبر والانتظار والا فلا يمكن ان يفتح له هذا الكيس(الشكوة) او سقاء اللبن .؟

وفي الشعر العربي العرفاني ما يشير الى ذلك

قال ابن الفارض

أرَجُ النّسيمِ سرَى مِنَ الزّوراء،

سحراً فأحيا ميِّتَ الأحياءِ

أهدى لَنا أرواحَ نَجْدِ عَرْفُهُ،

فالجوُّ منهُ معتبرُ الأرجاءِ

ورَوى أحاديثُ الأحِبّة ِ، مُسنداً،

عنْ إذخرٍ بأذاخرٍ وسخاءِ

فسكرتُ منْ ريَّاحواشي بردهِ

وسَرَتْ حُمَيّا البُرءِ في أدوائي

إلهِي لا تُغْلِقْ عَلى مُوَحِّدِيكَ أَبْوابَ رَحْمَتِكَ، وَلا تَحْجُبْ مُشْتاقِيكَ عَنِ النَّظَرِ إلَى جَمِيلِ رُؤْيَتِكَ،إلهِي نَفْسٌ أَعْزَزْتَها بِتَوْحِيدِكَ، كَيْفَ تُذِلُّها بِمَهانَةِ هِجْرانِكَ؟ وَضَمِيرٌ انْعَقَدَ عَلى مَوَدَّتِكَ كَيْفَ تُحْرِقُهُ بِحَرَارَةِ نِيرانِكَ؟

____________________________________________________

([1]) منتخب من صحاح الجوهري ، الجوهري، أبو نصر ، ج1  ،ص5257 .

([2])  النساء 83

([3])  الحجرات 7

([4])  [الأحزاب : 43]

([5])  [البقرة : 257]

([6])عوالي اللئالي – ابن أبي جمهور الأحسائي – ج 1 – ص 296 .

([7])  مفتاح الفلاح ،  البهائي العاملي ،ص 253 ،

([8])  مفتاح الفلاح ،  البهائي العاملي ،ص 253 .

([9]) عوالی اللآلی ،ابي جمهور الاحسائي ، ج 4  ،ص 118.

([10])  سورة البقرة: 245  .

([11])  سورة البقرة: 245  .

([12]) شرح الأسماء الحسنى ،  حاج ملا هادي السبزواري ، ج1 ، ص124 .

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

شرح شعر عرفاني ،الله لا يبارح قلب العارف ، 2

وما برحوا معنى ً أراهمْ معي فإنْ ....نأوا صورة ً في الذِّهنِ قامَ لهمْ شكلُ ومعنى هذا البيت ،ان الحبيب (ويقصد به الحضرة الالهية ) وان بعد صورة فهو باقي معنى ،والمعنى يقوم في قلب العارف ولا شك ان المعنى اذا قام في القلب يصعب زواله .

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *