سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / علوم القرأن و تأريخه / البحث الثاني : تكملة البحث الفرق بين الوحي والالهام والكشف ج2

البحث الثاني : تكملة البحث الفرق بين الوحي والالهام والكشف ج2

البحث الثاني :الفرق بين الوحي والالهام والكشف

الجزء (2 )

رابعا :الوحي كلام الهي

 قد يقول القائل هل الوحي كلام الهي ام ان الوحي افكار ورؤى ومفاهيم ومعاني وتعليمات الى النبي صلى الله عليه واله ثم يقوم النبي بصياغتها الى الامة .

نقل الزركشي اقوالا عن السمرقندي في كيفية الكلام الموحى اليه وهو ( أنه اللفظ والمعنى نزل من الله ، او إن جبرائيل إنما نزل بالمعاني الخاصة ، وأن النبي  علم تلك المعاني ، وعبّر عنه بلغة العرب ،او إن جبرائيل ، إنما ألقي إليه المعنى ، وأنه عبر بهذه الألفاظ بلغة العرب) ([1]) .

والجواب على ذلك يمكن القول ان الوحي كلام الهي لفظا ومعنى لا دخل للنبي فيه جملة او تفصيلا بل كان النبي ’ يتبع ما يوحى اليه من قبل الله تعالى فلا يغيره ولا يبدله ولا يتوسع به بل يبلغ كما يلقى اليه كما قال تعالى ( إنْ أتّبِعُ إلا ما يُوحَى إليّ ومَا أنا إلا نذيرٌ مُّبينٌ ) ([2]) ولقد عجز العرب وهم اهل الفصاحة والبلاغة عن مجاراة القرآن الكريم فوصفوا النبي بالساحر والمجنون والشاعر وغير ذلك من الاوصاف

قال تعالى ( بَلْ قالوا أضغاثُ أحلامِ بل افتراهُ بَل هوَ شاعرٌ … ) ([3]) وكذلك( وقالُوا يأيُّها الَّذي نزّلَ عليهِ الذِّكرُ إنّكَ لمجنونٌ ) ([4]).

قال الطبرسي :(وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به) أي: نزل الله بالقرآن (الروح الأمين) يعني جبرائيل عليه السلام، وهو أمين الله، لا يغيره ولا يبدله ، لأن الله تعالى يسمعه جبرائيل عليه السلام فيحفظه، وينزل به على الرسول، ويقرأه عليه، فيعيه ويحفظه بقلبه. فكأنه نزل به على قلبه) ([5]).

  قال الزهري ( ما يوحي الله به إلى نبي من الأنبياء فيثبته في قلبه ، فيتكلم به ويكتبه ، وهو كلام الله. ومنه ما لا يتكلم به ولا يكتبه لأحد ، ولا يأمر بكتابته ، ولكنه يحدث الناس به حديثا ، ويبين لهم أن الله أمره ، أن يبينه للناس ويبلغهم إياه »([6]).

خامسا : كيفية تلقي الوحي

وان كان تلقي الوحي حالة غيبية قد يصعب على العقل الانساني والبشري ادراكها بشكل بسيط وهو الذي يعيش المادة والتعلق بها ولكن قد ورد في بعض الروايات عن كيفية وطريقة تلقي النبي ’ الوحي من قبل الله تعالى واليك بعض هذه الروايات .

عن عائشة، ان الحارث بن هشام سأل النبي (صلى الله عليه وآله) كيف يأتيك الوحي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول. قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وان جبينه ليتفصد عرقا “([7]).

وعن عبادة بن الصامت قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا انزل عليه الوحي كرب لذلك وتربد وجهه”([8]).

وعنه قال:”كان نبي الله (صلى الله عليه وآله) إذا انزل الوحي نكس رأسه ونكس أصحابه رؤوسهم فلما اتلي عنه رفع رأسه “([9]).

عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) كيف لم يخف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما يأتيه من قبل الله ان يكون ذلك مما ينزغ به الشيطان؟ قال: فقال: إن الله إذا اتخذ عبدا رسولا أنزل عليه السكينة والوقار فكان يأتيه من قبل الله عز وجل مثل الذي يراه بعينه “”([10]).

 عن الأحول في حديث معتبر قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن (الرسول) و (النبي) و (المحدث)، قال: الرسول: الذي يأتيه جبرئيل (عليه السلام) قبلا فيراه ويكلمه، فهذا الرسول، وأما النبي فهو الذي يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم (عليه السلام) ونحو ما كان رآى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أسباب النبوة قبل الوحي حتى أتاه جبرئيل (عليه السلام) من عند الرسالة، وكان محمدا (صلى الله عليه وآله) حين جمع له النبوة وجاءته الرسالة من عند الله يجيئه بها جبرئيل (عليه السلام) ويكلمه بها قبلا، ومن الأنبياء من جمع  له النبوة ويرى في منامه ويأتيه الروح ويكلمه ويحدثه من غير أن يكون يرى في اليقظة، واما المحدث فهو الذي يحدث فيسمع ولا يعاين ولا يرى في منامه “([11]).

عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال بعض أصحابنا: أصلحك الله أكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: جبرئيل، وهذا جبرئيل يأمرني، ثم يكون في حال أخرى يغمى عليه؟ قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام) إنه إذا كان الوحي من الله إليه ليس بينهما جبرئيل أصابه ذلك لثقل الوحي من الله، وإذا كان بينهما جبرئيل لم يصبه ذلك، فقال: قال لي جبرئيل، وهذا جبرئيل “([12]).

قال الطباطبائی: «و هذا إشارة الی کيفيّة تلقّيه (صلی اللّه عليه و آله) القرآن النازل عليه، و أنّ الذی کان يتلقاه من الروح هی نفسه الکريمة من غير مشارکة الحواسّ الظاهرة التی هی أدوات لإدراکات جزئيّة خارجيّة .. فکان (صلی اللّه عليه و آله) يری شخص الملک و يسمع صوت الوحي، لکن لا بهذه السمع و البصر الماديّتين، و إلّا لکان أمرا مشترکا بينه و بين غيره، و لم يکن يسمع أو يبصر هو دون غيره. فکان يأخذه برحاء الوحی و هو بين الناس فيوحی إليه و لا يشعر الآخرون الحاضرون …»([13]).

والوحي الّذي يختصّ به الاَنبياء إدراك خاصّ متميّز عن سائر الاِدراكات فإنّه ليس نتاج الحس ولا العقل ولا الغريزة، وإنّما هو شعور خاص يوجده اللّه سبحانه في الاَنبياء وهوشعور يغاير الشعور الفكري المشترك بين أفراد الاِنسان عامّة، لا يغلط معه النبي في إدراكه ولا يشتبه ولا يختلجه شك ولا يعترضه ريب في أنّ الذي يوحي إليه هو اللّه سبحانه، من غير أن يحتاج إلى إعمال نظر أو التماس دليل، أوإقامة حجّة.قال سبحانه:(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاََمْينُ* عَلى قَلْبِكَ) فهذه الآية تشير إلى أنّ الّذي يتلقّى الوحي من الروح الاَمين هو نفس النبيّ الشريفة، من غير مشاركة الحواس الظاهرة التي هي الاَدوات المستعملة في إدراك الاَُمور الجزئية.وعلى هذا، فالوحي حصيلة الاِتّصال بعالم الغيب، ولا يصحّ تحليله بأدوات المعرفة المعتادة ولا بالاَُصول التي تجهّز بها العلم الحديث ومن لم يذعن بعالم الغيب يشكل عليه الاِذعان بهذا الاِدراك الّذي لا صلة له بعالم المادّة وأُصوله”([14]).

وقال صبحي الصالح ( وعلى هذا النمط رسم النبي الكريم فيما صح من حديثه طريقة نزول الوحي على قلبه، فقال: “أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي, فيفصم عني   وقد وعيت ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول” ، فكشف النقاب صراحة عن صورتين من الوحي: إحداهما عن طريق إلقاء القول الثقيل على قلبه، ولديه يسمع صوتا متعاقبا متداركا كصوت الجرس المصلصل المجلجل ،والثانية عن طريق تمثل جبريل له بصورة إنسان يشاكله في المظهر ولا ينافره([15]).

سادسا: الفرق بين الوحي والالهام والكشف

1- الالهام

قال في لسان العرب ،والإِلْهَامُ: مَا يُلْقى فِي الرُّوعِ. ويَسْتَلْهِمُ اللَّهَ الرَّشادَ، وأَلْهَمَ اللَّهُ فُلَانًا. وَفِي الْحَدِيثِ:أَسأَلك رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تُلْهِمُني بِهَا رُشْدي، الإِلْهَامُ أَن يُلْقِيَ اللَّهُ فِي النَّفْسِ أَمراً يَبْعَثُه عَلَى الْفِعْلِ أَو التَّرْكِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الوَحْي، يَخُصُّ اللَّهُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ([16]).

قال القشيري في معنى وتعريف الالهام«الخاطر خطاب يرد على الضمائر وقد يكون بإلقاء الشيطان وقد يكون من أحاديث النفس أو من قبل الحق فإذا كان من الملك فهو الإلهام، وإذا كان من قبل النفس قيل له: الهواجس، وإذا كان من قبل الشيطان فهو الوسواس»([17]).

2- الكشف  

كشف: الكشْفُ: رفعُك الشَّيْءَ عَمَّا يُواريه وَيُغَطِّيهِ وكشف الأمر: أظهره»([18]).

قال القيصري :ان الكشف لغة رفع الحجاب . يقال : كشفت المرأة وجهها . أي رفعت نقابها . واصطلاحا هو الاطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية والأمور الحقيقية وجودا أو شهودا . وهو معنوي وصوري.

 وأعني بالصوري ما يحصل في عالم المثال من طريق الحواس الخمس ، وذلك اما ان يكون على طريق المشاهدة كرؤية المكاشف صور الأرواح المتجسدة والأنوار الروحانية ، واما ان يكون على طريق السماع كسماع النبي ، صلى الله عليه وسلم ، الوحي ( 3 ) النازل عليه كلاما منظوما أو مثل صلصلة الجرس ودوى النحل كما جاء في الحديث الصحيح فإنه ، عليه السلام ، كان يسمع ذلك ويفهم المراد منه . أو على سبيل الاستنشاق وهو التنسم بالنفحات الإلهية والتنشق لفوحات الربوبية . قال عليه السلام : ( ان لله في أيام دهركم نفحات الا فتعرضوا لها ) ([19]).

واما الكشف المعنوي المجرد من صور الحقايق الحاصل من تجليات الاسم العليم والحكيم هو ظهور المعاني الغيبية والحقايق العينية ، فله أيضا مراتب : أولها ظهور المعاني في القوة المفكرة من غير استعمال المقدمات وتركيب القياسات ،بل بان ينتقل الذهن من المطالب إلى مباديها ويسمى بالحدس ، ثم في القوة العاقلة المستعملة للمفكرة وهي قوة روحانية غير حالة في الجسم ويسمى بالنور القدسي([20]).

 3- الفرق بين الوحي والالهام

 قال ملا صدرا في الفرق بين الوحي والالهام :و اعلم أن الفرق بين الوحي و الإلهام يكون بوجه آخر و إن كان مرجعه و مرجع ما ذكر أولا شيئا واحدا و هو أن الإلهام قد يحصل من الحق تعالى من غير واسطة الملك بالوجه الخاص الذي له مع كل موجود و الوحي يحصل بواسطة و لذلك لا يسمى الأحاديث القدسية بالوحي و القرآن و إن كانت هي أيضا كلام الله و سبب ذلك أن النبي ص لكمال جوهره النبوي اتسعت نفسه و انشرح قلبه و قويت قواه و مشاعره كلها فيشاهد صورة ما في جميع العوالم و النشآت فيتمثل له الملك الحامل في عالم التمثل الباطني و الحس الداخلي كما يدركه أيضا في العالم الروحاني المحض فلا يتلقى المعارف إلا في مقام الأرواح المجردة عن عالم التمثل فالأول يسمى وحيا باعتبار قوة الوارد و شدة المكاشفة و شهود الملك و سماع كلامه و الثاني يسمى إلهاما و تحديثا فالوحي من الكشف الشهودي المتضمن للكشف المعنوي و الإلهام من المعنوي فقط و أيضا الوحي من خواص النبوة كما مر لتعلقه بالظاهر و الإلهام من خواص الولاية و أيضا هو مشروط بالتبليغ دون الإلهام([21]).‌

وقال السيد الحكيم إذن فهناك فرق بين الادراك العادي الذي يكون نتيجة ( الموهبة ) ، وبين ( الالهام ) ، و ( الوحي ) .لان إدراك ( الموهبة ) في الحقيقة، يعبر عن فكرة يدركها الانسان، مع شعوره بأنها نتيجة للجهد الشخصي، وان كان يدرك بشكل عقلي ومنطقي أنها مرتبطة بسبب أو بآخر بالله سبحانه.

والالهام: عبارة عن فكرة يدركها الانسان، مصحوبة بالشعور الواضح، بأنها ملقاة من طرف أعلى منفصل عن الذات الانسانية، وان كان لا يدرك الانسان شكل الطريقة التي تم فيها هذا الالقاء.

والوحي: عبارة عن فكرة يدركها الانسان، مصحوبة بالشعور الواضح، بأنها ملقاة من طرف أعلى منفصل عن الذات الانسانية، وشعور آخر واضح بالطريقة التي تم فيها الالقاء، مع وجود عنصر الغيب والخفاء في هذه العملية، ولذا تسمى بالوحي([22]).‌

وقال صاحب المعاني :الفرق بين الوحي والإلهام والأول الوحي المراد بالآية الآنفة الذكر من سورة النجم ويكون هذا الوحي بصوت يتمثل أو يسمعه منه أو يعيه بغير صوت والثاني الإلهام وهو وجدان تستيقنه النفس وتنساق إلى ما يطلبه من غير شعور منها من أين أتى، وهو أشبه بوجدان الجوع والعطش والحزن والسرور([23]).

وقال المستشرق الألماني الدكتور نولدكه   في الفرق بين الوحي والإلهام ، فعد الوحي خاصا بالأنبياء ، والإلهام خاصا بالأولياء إذ لا يوحى إليهم([24]).

4- الفرق بين الوحي والكشف العرفاني

الوحي هو مجموعة من المعارف الالهية والقوانين الشاملة لكل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكل ما يحتاجه المجتمع في واقع الحياة وعلى النبي تبليغها الى الامة والمجتمع وعلى هذا فالنبي هو تابع كما قال تعالى (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ([25]). وكذلك النبي اذن لله تعالى في الارض كما قال تعالى ( وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ ) ([26]).ولذلك لا يمكن ان يقع فيه الخطأ او الاشتباه في أي حال من الاحوال .

واما الكشف فهو يختلف اختلافا جذريا عن الوحي فالكشف والشهود هو نتيجة لارتياض العارف وسيره وسلوكه في الطريق ،لذلك تظهر على صفحات قلب العارف المعاني والحقائق الغيبية ،وعلى هذا فالمكاشفة تحصيل لحركة العارف في طي المنازل والمدارج الالهية والسلوك العرفاني .ولكن هذا الطريق قد يقع فيه الاخطاء والاشتباهات وغير ذلك فهو طريق غير مأمون وكذلك قد يدعيه البعض .

قال مالك بن نبي المفكر الاسلامي : والمكاشفة لا تنتج عند صاحبها يقينا كاملا ، ويقين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالوحي قد كان كاملا ، مع وثوقه بأن المعرفة للوحي بها غير شخصية ، وطارئة وخارجة عن ذاته  .

لذلك قال مالك بن نبي : ومن ناحية أخرى، تعرف المكاشفة أو الوحي النفسي من الوجهة النفسية بأنها: “معرفة مباشرة لموضوع قابل للتفكير، أو خاض فيه التفكير فعلاً”- بينما يجب أن يأخذ الوحي معنى: “المعرفة التلقائية والمطلقة لموضوع لا يشغل التفكير، وأيضاً غير قابل للتفكير” لكي يكون متفقاً مع اعتقاد النبي، ومع التعاليم القرآنية. فمن المفيد إذن أن ندرك نوع الظاهرة التي يمكن أن تكمن خلف لفظة (وحي) . ونضيف أيضاً أن المكاشفة لا تصحبها أية ظاهرة نفسية بصرية أوسمعية أو عصبية كتقلص العضلات الذي نلحظه في حالة النبي – صلى الله عليه واله وسلم -. ومن الوجهة العقلية لا تنتج المكاشفة عند صاحبها يقيناً كاملاً، بل كأنما تخلق نصف يقين، أي بعض ما يؤدي إلى ما يسمى (احتمالاً) والاحتمال معرفة يأتي برهانها بعدها، وهذه الدرجة من الشك هي التي تميز المكاشفة من الوحي من الناحية النفسية. أما يقين النبي فقد كان كاملاً، مع وثوقه بأن المعرفة الوحى بها غير شخصية وطارئة وخارجة عن ذاته.وهذه الصفات تتأكد في نظر الذي يتلقى الوحي، تأكّداً لا يبقى معه ظل من الشك فما يتصل بموضوعية الظاهرة الموحية، وهذا شرط أول مطلق ضروري لاعتقاد النبي الشخصي.([27]).

وقال الشيخ مكارم الشيرازي نعم يمكن اعطاء بعض الخصائص لتمييز بين الكشف الكاذب والصادق .

نعم توجد ثلاث علائم تتميز بها ـ اجمالا ـ المكاشفات الشيطانية عن الرحمانية، وهي: إن الرحمانية اضافة الى كونها يقينية وقطعية تقترن بمستوى عال من الايمان واليقين والمعرفة والاخلاص والتوحيد والعمل الصالح. بينما تفتقد المكاشفات الشيطانية هذه المواصفات، وعلى هذا الأساس فلا اعتبار يقول من يدعي المكاشفات الرحمانية وهو يفتقد هذه المواصفات.

ولقد قرأنا في رواية مضت أن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: “العلم نورٌ يقذفه الله في قلب من يحب، فينفتح له، ويشاهد الغيب، وينشرح صدره فيتحمل البلاء، قيل: يا رسول الله وهل لذلك من علامة؟ قال: التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزوله”.(1)

ثم إن المكاشفات الحقيقية تتفق دائماً مع الكتاب والسنة، وفي نفس الاتجاه الذي يتجه إليه كلام الله والمعصومين (عليهم السلام)، ولا تميل بقدر لأنملة عن جادة الاطاعة الربانية، وغير ملوّثة بأصغر إثم أو ذنب.

وثالثاً، إن محتوى المكاشفات الحقيقية تتفق دائماً مع العقل اتفاقاً كاملا، وتكون بعيدة عن الامنيات والأوهام غير المعقولة ، فالذي يقول: “إني رأيت الرافضية ـ مكاشفة ـ كالخنازير”، في الحقيقة رأى نفسه في مرآة ذاته. والذي يقول: “عندما وصلت الى الحق، فرأيت بيت الله يطوف حولي” فانه مُصاب بوكع في رأسه، وشخصاً كهذا يرى نفسه مستغنياً عن الطواف، ويرى الطواف أدنى من شأنه، بينما الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بعظمته لم ير نفسه مستغنياً عن ذلك، وقد حج حتى في آخر سنة من عمره الشريف ودى المناسك([28]).

واليك بعض المكاشفات الباطلة

1- وقد جاء في حديث للامام علي(عليه السلام) مع حسن البصري: أن الامام(عليه السلام) مر بالحسن البصري وهو يتوضأ فقال: يا حسن اسبغ الوضوء، فقال: يا امير المؤمنين لقد قتلت بالامس اناساً يشهدون ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمداً عبده ورسوله، يصلون الخمس، ويسبغون الوضوء. فقال له امير المؤمنين(عليه السلام): قد كان ما رأيت فما منعك ان تعين علينا عدونا. فقال: والله لأصدقنك يا امير المؤمنين لقد خرجت في اول يوم فاغتسلت وتحنطت وصببت عليّ سلاحي وانا لا شك في ان التخلف عن ام المؤمنين عائشة هو الكفر، فلما انتهيت الى موضع من الخريبة ناداني مناد “يا حسن الى اين ارجع فان القاتل والمقتول في النار” فرجعت ذعراً وجلست في بيتي، فلما كان في اليوم الثاني لم أشك ان التخلف عن ام المؤمنين عائشة هو الكفر، فتحنطت، وصببت عليّ سلاحي وخرجت اريد القتال، حتى انهيت الى موضع من الخريبة فناداني مناد من خلفي: “يا حسن الى اين مرةً بعد اخرى فان القاتل والمقتول في النار” قال علي(عليه السلام): صدقك افتدري من ذلك المنادي؟ قال: لا. قال(عليه السلام): ذاك اخوك ابليس، وصدقك ان القاتل والمقتول منهم في النار، فقال الحسن البصري الآن عرفت يا اميرالمؤمنين ان القوم هلكى([29]).

2- وكتب الشيخ عطار في كتابه “تذكرة للأولياء” عن “يزيد البسطامي”: طِفْتُ البيت فترة، وعندما وصلت الى الحق، رأيت أن الكعبة تطوف حولي!… إن الله بلغ بي الى درجة حيث أستطيع أن أرى الخلق جملة بين اصبعي!! ([30]).

3 ـ وقد جاء في نفس الكتاب، أن يزيد قال: عرض عليَّ الحقُ الفي مقام عنده وفي كل مقام سلطان، وما قبلتُ([31]).

اللهم بحق الحسين اشف صدر الحسين بظهور المهدي عليه السلام 

___________________________________________

([1])  البرهان في علوم القران المؤلف : الزركشي، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 230

([2])الاحقاف : 9.

([3])) الأنبياء : 5.

([4])الحجر : 6.

([5])الحجر : 6.

([6])   الاتقان في علوم القران المؤلف : السيوطي    الجزء : 1  صفحة : 160

([7])   فتح الباري 1: 18. دار المعرفة، بيروت.

([8])   صحيح مسلم 15: 89. دار احياء التراث العربي. بيروت.

([9])    صحيح مسلم 15: 89. دار احياء التراث العربي. بيروت.

([10])بحار الأنوار 18: 262 رقم 16 عن تفسير العياشي.

([11])] بحار الأنوار 18: 268 رقم 30 عن امالي الشيخ الطوسي، ورواه البرقي في المحاسن

([12]) بحار الأنوار 18: 268 رقم 30 عن امالي الشيخ الطوسي، ورواه البرقي في المحاسن

([13])  تفسير الميزان: ج 15 ص 346. برحاء الوحي: شدة ألمه و الاحساس بکربه.

([14])  محاظرات في الالهيات المؤلف : الشيخ علي الرباني الگلپايگاني    الجزء : 1  صفحة : 273

([15]) مباحث في علوم القران لصبحي الصالح المؤلف : صبحي الصالح    الجزء : 1  صفحة : 27

([16]): لسان العرب ،  ابن منظور ،ج 12 ،ص 555  .

([17])رساله القشيري ص 46 و 47.

([18]): لسان العرب ، ابن منظور ،ج 9 ،ص 300.

([19])  شرح فصوص الحكم،  محمد داوود قيصري رومي ، ص110 .

([20])  شرح فصوص الحكم،  محمد داوود قيصري رومي ،ص110 .

([21])    مفاتيح الغيب المؤلف : ملاصدرا    الجزء : 1  صفحة : 147

([22])   علوم القرآن المؤلف : السيد محمد باقر الحكيم    الجزء : 1  صفحة : 151

([23])   بيان المعاني المؤلف : ملا حويش    الجزء : 1  صفحة : 56

([24])  نولدكه ، دائرة المعارف الإسلامية : مجلد 9 مادة : الدين.

([25]) سورة النجم : الاية 4 .

([26])   الآية 61 من سورة التوبة :

([27])  الظاهره القرانيه المؤلف ، مالك بن نبي ،ج 1 ،ص 144.

([28]) نفحات القرآن المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي    الجزء : 1  صفحة : 262

([29])احتجاج الطبرسي الجزء 1 الصفحة 250.

([30])  تذكرة الاولياء الصحفة 102.

([31])    تذكرة الاولياء الصحفة 102.

 4,989 total views,  2 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تاريخ القرآن ،الفصل الثاني ،البحث الاول ، معاني نزول القرآن ومراتبه

نزول القرآن الكريم ،بمعنى ان الله تعالى اظهر وجلى كلامه من عالم المعاني الى عالم المادة والدنيا وافضل قلب اتسع لهذا التجلي هو قلب الخاتم ’ لانه اطهر قلب مستعد لذلك وقد ابلغه الى المجتمع البشري . وكل انسان يستطيع ان تتجلى في قلبه معاني القرآن ولكن بشرط وجود الطهارة في نفسه وقلبه قال الصادق (عليه السلام): لقد تجلى الله لخلقه في كلامه ولكنهم لا يبصرون........؟

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *