سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / علوم القرأن و تأريخه / تاريخ القرآن ،الفصل الثاني ،البحث الاول ، معاني نزول القرآن ومراتبه

تاريخ القرآن ،الفصل الثاني ،البحث الاول ، معاني نزول القرآن ومراتبه

الفصل الثاني 

البحث الاول : معاني النزول ومراتبه 

المطلب الاول : النزول لغة  

(أ) النزول لغة :

جاءت مادة “نزل” في اللغة بتصريفات كثيرة: نزل، وأنزل، وتنزل، ونزّل.. وغير ذلك. كما جاءت هذه المادة بكثرة في القرآن الكريم بتصريفاتها المختلفة حيث بلغت أربعة وأربعين تصريفاً في (295) آية. ([1]).

النُّزول، بالضَّمّ: الحُلول وَهُوَ فِي الأصلِ انحِطاطٌ من عُلو، وَقد نَزَلَهم، ونَزَلَ بهم، ونَزَلَ عَلَيْهِم([2]).وقال الراغب ، النُّزُولُ في الأصل هو انحِطَاطٌ من عُلْوّ. يقال: نَزَلَ عن دابَّته، ونَزَلَ في مكان كذا: حَطَّ رَحْلَهُ فيه([3]).وفي مقاييس اللغة نزل، النون و الزاء و اللام كلمةٌ صحيحة تدلُّ على هُبوط شي‌ء و وُقوعه. و نَزَل عن دابَّتِه نُزُولًا. و نَزَل المطرُ من السَّماءُ نُزولًا ([4]).

وقال الفيومي نَزَلَ: مِنْ عُلُوٍ إِلَى سُفْلٍ يَنْزِلُ نُزُولًا وَ يَتَعَدَّى بِالْحَرْفِ وَ الْهَمْزَةِ و التَّضْعِيفِ فَيُقَالُ (نَزَلْتُ) به وَ (أَنْزَلْتُهُ) وَ (نَزَّلْتُهُ) وَ (اسْتَنْزَلْتُهُ) بِمَعْنَى‌ (أَنْزَلْتُهُ) و (المَنْزِلُ) مَوْضِعُ النُّزُولِ و (الْمَنْزِلَةُ) مِثْلُهُ وَ هِىَ أَيْضاً الْمَكَانَةُ وَ (نَزَّلْتُ) هذَا مَكَانَ هذَا أقَمْتُهُ مُقَامَهُ  ([5]).

المطلب الثاني : معنى نزول القران

  نزول القرآن الكريم ،بمعنى ان الله تعالى اظهر وجلى كلامه من عالم المعاني الى عالم المادة والدنيا وافضل قلب اتسع لهذا التجلي هو قلب الخاتم ’ لانه اطهر قلب مستعد لذلك وقد ابلغه الى المجتمع البشري .

وكل انسان يستطيع ان تتجلى في قلبه معاني القرآن ولكن بشرط وجود الطهارة في نفسه وقلبه قال الصادق (عليه السلام): لقد تجلى الله لخلقه في كلامه ولكنهم لا يبصرون ([6]).

قال الحيدري ،ان النزول بمعنى التجلي([7]) ،وبهذا يتّضح معنى قوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ) ([8]) . فإنّ المراد من التنزّل من الخزائن الإلهيّة هو ظهور الأشياء في الكون بعدما لم تكن ) ([9]) .

قال الزرقاني ( النزول في استعمال اللغة يطلق ويراد به الحلول في مكان ،والمتعدي منه وهو الإنزال يكون معناه إحلال الغير في مكان وإيواءه به، ويطلق النزول إطلاقا آخر في اللغة على انحدار الشيء من علو إلى سفل نحو نزل فلان من الجبل. والمتعدي منه يكون معناه تحريك الشيء من علو إلى سفل) ،ولا يمكن ارادة المعنيين من نزول القران لما يلزم هذين المعنيين من المكانية والجسمية. والقرآن ليس جسما حتى يحل في مكان أو ينحدر من علو إلى سفل اذن فنحن بحاجة إلى التجوز والمجاز بابه واسع وميدانه فسيح. وليكن المعنى المجازي لإنزال القرآن هو الإعلام في جميع إطلاقاته([10])  .

  المطلب الثالث :مراتب القرآن في عالم المعنى  

ذكر القران الكريم ان هذا القران الذي بين ايدينا والذي نزل من قبل الله تعالى كانت له وجودات ومراتب في عالم المعنى قبل ان ينزل الى عالم الملك والدنيا عبر عنها بتعابير مختلفة ،واليك هذه المراتب التي ذكرها الله في الكتاب العزيز .

1- ام  الكتاب : ( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) ([11])  . وكذلك قال تعالى( يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) ([12])

تتحدث الايات المباركة ان هذا الكتاب وهو القران تتنزل من عالم الملكوت والمعنى وذلك العالم باطن واصل هذا الكتاب وكل ما يجري في هذا العالم له اصل من ذلك العالم

قال العلامة ابن ادريس :« فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا » يعني اللوح المحفوظ الذي كتب اللَّه فيه ما يكون الى يوم القيامة لما فيه من مصلحة ملائكته بالنظر فيه وللخلق فيه من اللطف بالأخبار عنه ، وأم الكتاب أصله ، لان أصل كل شيء أمه([13]).

وقال مغنية ( وإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ » . ضمير انه للقرآن ، وأم الكتاب أصله ، وليس من شك ان علم اللَّه سبحانه هو الأصل لجميع الكتب السماوية،ووصف سبحانه القرآن بالعلي لأنه يعلي ويرفع من شأن الذين يستمعون له ويعملون به ([14]).

2-  الكتاب المكنون : ( إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ ، فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ) ([15]).

قبل ان يقول الله تعالى ان القرآن في كتاب مكنون مهد له بهذه الايات فقال (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ* وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ* إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ* فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ* لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ([16]).

وفي هذه الاية المباركة الكريمة عبر عن القران بانه في كتاب مكنون وهو اشارة الى عالم الملكوت وعالم المعنى ومن ثم لا يمكن ان يصل اليه الا من كانت نفسه قد وصلت من الطهارة الى ذلك العالم .

قال الطباطبائي يظهر جليا من هذه الآيات أن للقرآن الكريم مقامان : مقام مكنون محفوظ من المس ، ومقام التنزيل الذي يفهمه كل الناس ،والفائدة الزائد التي نستفيدها من هذه الآيات ولم نجدها في الآيات السابقة هي الاستثناء الوارد في قوله الا المطهرون الدال على أن هناك بعض من يمكن أن يدرك حقائق القرآن وتأويله ([17]).

3- باللّوح المحفوظ : ( بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ) ([18])

 ومن مراتب القران الكريم هو اللوح المحفوظ ،قال الشيخ الطوسي في تفسير الآية [لوح محفوظٌ] عن التغيير والتبديل والنقصان والزيادة، قال مجاهد: المحفوظ أم الكتاب، وقيل أنَّه اللوح المحفوظ الذي كتب الله جميع ما كان وما يكن فيه- ذكره أنس بن مالك- أي كأنه بما ضمن الله من حفظه في لوحٍ محفوظٍ ومَن رفعَ (محفوظ) جعله صفة القرآن، ومَن قرأه بالخفض جعله صفة للوح([19])

وقال الآلوسي في تفسير الآية [لوح محفوظ] في لوح:- أي كائن في لوحٍ (محفوظٌ) أي ذلك اللوح من وصول الشياطين إليه([20])  

وقال الطباطبائي :وأنَّ اللوح المحفوظ له طرفان طرف على يمين العرش على جبين إسرافيل فإذا تكلم الرب جلَّ ذكره بالوحي ضرب اللوح جبين إسرافيل فنظر في اللوح فيوحى بما في اللوح إلى جبرائيل([21])

4-  الكتاب المبين : ( حم ، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ، إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )([22])

قال الطباطبائي : فإنه (اي القران ) ظاهر في إن هناك كتابا مبينا عرض عليه جعله مقروا عربيا ، وإنما ألبس لباس القراءة والعربية ليعقله الناس وإلا فإنه – وهو في أم الكتاب – عند الله ، علي لا يصعد إليه العقول ، حكيم لا يوجد فيه فصل وفصل وفي الآية تعريف للكتاب المبين وأنه أصل القرآن العربي المبين([23]).

  المطلب الرابع : النزول المقيد والمطلق للقرآن

   من خلال القراء يمكن لنا رؤية النزول في القرآن الكريم وانه جاء على ثلاثة اشكال .

الشكل الاول :نزول مقيد بأنه من الله جل وعلا.

1-{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ}([24]).

2-{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}([25]).

3-{حم. تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}([26]).

4-{حم. تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}([27]).

5-{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}([28]).

6-{تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}([29]).

الشكل الثاني : نزول مقيد بأنه من السماء.

وقد ورد النزول المقيد بأنه من السماء.نزول المطر من السحاب، ونزول العذاب، ونزول الملائكة من عند الله. وغير ذلك.

1- {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ} ([30]).

2- {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}([31]).

3- {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ}([32]).

4- {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا}([33]).

5- {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}([34]).

وجاء في إنزال العذاب من السماء قوله تعالى:

1- {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}([35]).

2- {إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ}([36]).

وقال تعالى: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ}([37]).

وقال تعالى في إنزال الملائكة من السماء: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً} ([38]).

الشكل الثالث: نزول مطلق غير مقيد بهذا أو بذاك.

وأما الشكل الثالث، وهو الإنزال المطلق فهو عام لا يختص بنوع خاص من الإنزال .

1- {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}([39]). فقد فسر قوله: {وَأَنْزَلْنَا} بجعلنا، وأظهرنا وخلقنا.

وقوله سبحانه: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ}([40]).

وقوله: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ}([41]).

وقوله: {وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا}([42]).

______________________________________________________________

([1])انظر معجم ألفاظ القرآن الكريم، وضع مجمع اللغة العربية، مادة نزل (2/509) .

([2]) تاج العروس ، الزبيدي ، ج15 ، ص 728 .

([3])المفردات في غريب القرآن  ، ، الأصفهاني ، ص488 .

([4])معجم مقائيس اللغة المؤلف : ابو الحسين احمد بن فارس بن زكريا  ، ج5 ، ص417 .

([5])المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي ،أحمد بن محمد الفيومي ،ج1  ، ص 601

([6])مستدرك سفينة البحار المؤلف : الشيخ علي النمازي    الجزء : 2  صفحة : 83

([7]) القران تعرض الى نوعين من النزول ، مرة بمعنى التجافي  ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ) ( السجدة : 16 ) ، أي ترتفع جنوبهم عن الفراش ، بنحو عندما ينهض هؤلاء لا تبقى جنوبهم في المضجع بل تتجافى عنه وتتباعد ، والنزول التجلي هي أنّ الشيء المتنزّل لا يفقد وجوده في مرتبته السابقة بعد التنزّل . مكن تقريب ذلك بمثال من النشاط العلمي للإنسان ، فإذا ما كانت عند الإنسان فكرة في ذهنه ، ثمّ عمد إلى كتابتها على الورق ، فإنّ هذه الفكرة تنزّلت من مرتبة وجودها في عقل الإنسان وصارت مكتوبة على الورق ، ومن الواضح أنّ الفكرة في الوجود الذهني شيء وهي في الوجود الكتبي شيءٌ آخر .

([8]) سورة الرعد ، الاية 17 .

([9]) علم الإمام ، السيد كمال الحيدري ، ص96 .

([10])  مناهل العرفان في علوم القران المؤلف : الزرقاني، محمد عبد العظيم    الجزء : 1  صفحة : 41

([11])   ( الزخرف : 4 ) .

([12])   سورة الرعد: الآية 39.

([13])  المنتخب من تفسير القرآن والنكت المستخرجة من كتاب التبيان ،  ابن إدريس الحلي ، ج 2 ،ص251 .

([14]) التفسير الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج 6 ، ص538 .

([15])  ( الواقعة : 77 – 78 )

([16])سورة الواقعة: الآية 75- 79.

([17])القرآن في الإسلام ، السيد الطباطبائي ،ص48 .

([18])  ( البروج : 21 – 22 ) .

([19])  تفسير التبيان للشيخ الطوسي ج 10 ص 322.

([20])  ] روح المعاني للآلوسي ج 30 ص 425.

([21])الميزان في تفسير القرآن ج 30 ص 287.

([22])( الزخرف : 1 – 3 ) ،

([23])  تفسير الميزان ، السيد الطباطبائي ، ج2 ، ص17 .

([24])(النحل: 102) .

([25])في ثلاثة مواضع: سورة الزمر/1، وسورة الجاثية/2، وسورة الأحقاف/2.

([26])(سورة غافر: 1،2)

([27])(سورة غافر: 1،2)

([28])  (السجدة: 2) .

([29])   في موضعين: سورة الواقعة/80، وسورة الحاقة/43.

([30])  (البقرة: 22)

([31])  (البقرة: 164)

([32])  (الأنعام: 99)

([33])(الرعد: 17)

([34])(النحل: 65)

([35])(البقرة: 59)

([36])(العنكبوت: 34)

([37])  (الشعراء: 4)

([38])(الإسراء: 95)

([39])(الحديد:25)

([40])(الفتح: 26) .

([41])(الفتح: 4) .

([42])(التوبة: 26) .

 1,234 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

البحث الثاني : تكملة البحث شبهات المستشرقين على الوحي ج5

 البحث الثاني :شبهات المستشرقين على الوحي الجزء (5) 2- الوحي نتيجة الامراض النفسية  ادعى بعض المستشرقين ...

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *