منهج الاستقامة -الموقع الرسمی للشیخ عبدالرضا البهادلی الموقع الرسمی للشیخ عبدالرضا البهادلی
فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر الانسانة الكاملة
فاطمة المعصومة هي بنت الامام موسى بن جعفر سابع الائمة من ائمة الهدى الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فهو « مَعدن التنزيل ، وصاحب التأويل ، وحامل التوارة والإنجيل »([1]). وهو « وصي الأبرار ، وإمام الأخيار ، وعيبة الأنوار ، ووارث السكينة والوقار ، والحكم والآثار ، الذي كان يحيي الليل بالسّهر إلى السٌحر بمواصلة الإستغفار ، حليف السجدة الطويلة ، والدموع الغزيرة ، والمناجاة الكثيرة ، والضرّاعات المتصلة. ومقر النهي والعدل ، والخير والفضل ، والندى والبذل ، ومألف البلوى والصبر … »([2]).
وهي اخت الامام الرضا عليه السلام لامه وابيه وامهما السيدة ( تكتم ) وكانت السيدة تُكْتَم جارية السيدة حميدة وهي من أفضل النساء في عقلها و دينها و إعظامها لمولاتنا حميدة ، حتى أنها ما جلست بين يديها إجلالاً لها([3]).
وقد وهبت السيدة حميدة زوجة الامام الصادق عليه السلام لابنها الإمام موسى بن جعفر ( عليه السَّلام ) السيدة تكتم فقالت له : يابني إن تكتم جاريةٌ ما رأيت قط أفضل منها … و قد وهبتها لك([4]).
و مما يدلّ على ان تكتم كانت منقطعة الى الله ومتبتلة ، أنها لمّا ولَدَت ـ السيدة تكتم ـ الإمامَ الرضا ( عليه السَّلام ) قالت : أعينوني بمُرضعة ، فقيل لها : أ نَقَصَ الدَّرُّ ([5]). ؟قالت : ما أكذب. ما نقص الدّر ، ولكن علي ورد([6]). من صلاتي وتسبيحي. وقد نقص منذ ولدت([7]).
تاريخ ولادة فاطمة المعصومة
لا توجد روايات وثيقة واضحة على تاريخ ولادة السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام ولكن ما مذكور من تاريخ ولادتها : ذكروا أنّها ( سلام الله عليها ) قد ولدت في المدينة المنورة في اول ذي القعدة من سنة ١٧٣ هـ ([8]) .
القابها عليها السلام
ذكرت هناك القاب للسيدة فاطمة عليها السلام مثل كريمة اهل البيت فهي بحق كريمة اهل البيت عليها السلام فالذي يزور فاطمة لا يخرج الا بقضاء حاجته وكراماتها كثيرة ومشهورة لا تعد ولا تحصى وقد الف البعض الكتب في ذلك ، وتلقب كذلك باخت الرضا عليه السلام لانها اخته لامه وابيه ، ولكن اشهر الالقاب للسيدة فاطمة هو المعصومة وذلك لشدة ايمانها وكمالها وكذلك لوجود الرواية في ذلك.
فعن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال : « من زار المعصومة بقم [ كان ] كمن زارني »([9])
فاطمة المعصومة لم تتزوج
ذكرت وجوه كثيرة لعدم زواج السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام منها الظرف السياسي العصيب الذي مر به اهل البيت عليهم السلام وكذلك الظرف الاقتصادي وغير ذلك من الوجوه؟ ولكننا نعتقد ونقول انه رغم ان الزواج مما رغب اليه الشرع المقدس ولكن قد يكون في العنوان الثانوي العزوبة وعدم الزواج اولى من الزواج وذلك لعدم وجود الكفوء للسيدة فاطمة المعصومة فالرجل يمكن ان يتزوج المرأة غير الكاملة ولكن المرأة الكاملة من الصعوبة ان تعيش مع انسان ناقص ولذلك ورد في الحديث عن ام سلمة عنه صلى الله عليه وآله قال : لو لم يخلق علي ما كان لفاطمة كفو([10]) .وعلى هذا فعدم زواج فاطمة المعصومة هو عدم وجود الكفوء لها في حياتها.
منزلة ومكانة فاطمة المعصومة
لا شك بان فاطمة المعصومة الانسانة الكاملة بنت الانسان الكامل واخت الانسان الكامل قد تربت التربية العظيمة على يد الامام الكاظم وكذلك الامام الرضا عليه السلام ولكن كما هو معلوم ان حال المراة في كل عصر ولا سيما العصور القديمة انها لا تزاحم الرجال وما يترشح عن حياتها يكاد يكون قليلا ولكن مع ذلك قد ورد عن بعضهم عن المرحوم السيّد نصر الله المستنبط عن كتاب كشف اللآلي لابن العرندس الحلّي (المتوفّى حدود سنة 830 هـ)، أنّ جمعاً من الشيعة دخلوا المدينة يحملون بحوزتهم عدّة من الأسئلة المكتوبة قاصدين أحداً من أهل البيت عليهم السلام وصادف أنّ الإمام موسى بن جعفرعليهما السلام كان في سفر والإمام الرضا عليه السلام كان خارج المدينة. وحينما عزموا على الرحيل ومغادرة المدينة تأثّروا وأصابهم الغمّ لعدم ملاقاتهم الإمام عليه السلام وعودتهم إلى وطنهم وأيديهم خالية ،ولمّا شاهدت السيّدة المعصومة غمّ هؤلاء وتأثّرهم- وهي لم تكن قد وصلت إلى سنّ البلوغ آنذاك- قامت بكتابة الأجوبة على أسئلتهم وقدّمتها لهم. وغادر أولئك الشيعة المدينة فرحين مسرورين والتقوا بالإمام الكاظم عليه السلام خارج المدينة، فقصّوا على الإمام عليه السلام ما جرى معهم وأروه ما كتبته السيّدة المعصومة سلام الله عليها فسرّ الإمام عليه السلام بذلك وقال: “فداها أبوها” ([11]) .
فضل زيارتها عليها السلام في قم
عن جعفر الصادق عليه السلام :«إنّ لله حرماً وهو مكّة، وإنّ للرسول حرماً وهو المدينة، وإنّ لعلي بن أبي طالب حرماً وهو الكوفة، وإنّ لنا حرماً وهو بلدة قم، وستُدفن فيها امرأة من أولادي تُسمّى فاطمة، فمَن زارها وجبت له الجنّة»([12]) .
وقال المجلسي: رأيت في بعض كتب الزيارات:حدّث عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن سعد عن عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام قال:قال: يا سعد عندكم لنا قبر،قلت: جعلت فداك قبر فاطمة بنت موسى عليهما السّلام؟قال:نعم،من زارها عارفا بحقّها فله الجنة،فإذا أتيت القبر فقم عند رأسها مستقبل القبلة و كبّر أربعا و ثلاثين تكبيرة و سبّح ثلاثا و ثلاثين و احمد اللّه ثلاثا و ثلاثين تحميدة ثمّ قل«السلام على آدم صفوة الله ……..الى اخر الزيارة ) ([13]) .
قال الشاعر في حق فاطمة المعصومة
ولـتـبـاهـي بـفـاطم أرضُ قمٍّ **** ولـهـا الـفـخر والثناء المكرّر
أصـبـحـت جـنّة الحياة وتُدعى**** عـش آل الرسول في الدهر تذكر
حـوزة الـعـلـم في حماها تجلّت **** وبـالأسـاطـين والمراجع تزخر
قـبـرهـا صـار مـوئلا وملاذا **** وبـهـا كـل مـعـسـر يـتيسر
والـكـرامـات لا تـعدّ وتحصى **** وبـهـا صـفـوُ كل عيشٍ مكدّر
كـأبـيـهـا باب الحوائج تُقضى **** عـنـدهـا كـلّ حـاجةٍ تتعسّر
عـمّـهـا الـمـجتبى إمامٌ كريمٌ **** وعـطـايـاهـا لا تحدّ وتحصر
وهـي تـدعـى كـريمةً دون شكٍّ **** وعـلـى فـضـلها الكريمةُ تُشكَرْ
واسـمـهـا شاع في الأنامِ بفخرٍ **** ولـهـا يـنـظـم الـمديح وينثر
شـأنـهـا قد سَمَى جلالا وقدراً **** واجـتـبـاهـا الإله من عالم الذر
وحـبـاهـا حـلـما وقلبا صبورا **** وجـمـيـل العقبى لمن قد تصبّر
شـأنـهـا شـان فـاطم بنت طه **** فـهـي كـالنور واضح ليس ينكر
فـبـذي قـعـدةٍ بأوّل يومٍ ولدت **** والـبـشـيـر صـاح وبـشّـر
هـي أُخت الرضا علي بن موسى**** وأبـوهـا الإمام موسى بن جعفر
هجرتها ووفاتها في قم المقدسة
روى صاحب تاريخ قم عن مشايخ قم أنه لما أخرج المأمون علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) من المدينة إلى مرو في سنة مائتين ، خرجت فاطمة أخته في سنة إحدى ومائتين تطلبه ، فلما وصلت إلى ساوة مرضت ، فسألت : كم بيني وبين قم ؟ قالوا : عشرة فراسخ . فأمرت خادمها ، فذهب بها إلى قم وأنزلها في بيت موسى بن خزرج بن سعد .
والأصح أنه لما وصل الخبر إلى آل سعد اتفقوا وخرجوا إليها أن يطلبوا منها النزول في بلدة قم . فخرج من بينهم موسى بن خزرج ، فلما وصل إليها أخذ بزمام
ناقتها وجرها إلى قم وأنزلها في داره . فكانت فيها ستة عشر يوما ، ثم مضت إلى رحمة الله ورضوانه ، فدفنها موسى بعد التغسيل والتكفين في أرض له ، وهي التي الآن مدفنها ، وبنى على قبرها سقفا من البواري إلى أن بنت زينب بنت الجواد ( عليه السلام ) عليها قبة . ([14]) . ولذلك اليوم يحتفى بذكر وفاتها في 10 ربيع الثاني عام 201هـ .
__________________________________
([1])مفاتيح الجنان المؤلف : الشيخ عباس القمي الجزء : 1 صفحة : 579
([2]) مفاتيح الجنان (الشيخ عباس القمي) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 581
([3]) عيون أخبار الرضا : 1 / 14 .
([4]) عيون اخبار الرضا : ص ١٧.
([6]) الوِرد : المندوب و المستحب ، مقابل الواجب .
([7])عيون اخبار الرضا : ج١ ص١٥.
([8]) عيون اخبار الرضا : ص ١٧.
([9]) عيون اخبار الرضا : ص ١٧.
([10]) بحار الانوار ، المجلسي ، ج40 ،ص77 .
([11]) مهديّ بور عليّ أكبر: كريمة أهل البيت عليهم السلام ص 170- 171, وفيه أنّ الكتاب المشار إليه هناك نسخة خطيّة منه في إحدى مكتبات النجف الأشرف, على ساكنه آلاف التحيّة والسلام.
([12])بحار الأنوار – ط مؤسسةالوفاء المؤلف : العلامة المجلسي الجزء : 60 صفحة : 217
([13]) سفينة البحار و مدينة الحکم و الآثار مع تطبيق النصوص الواردة فيها علی بحار الأنوار المؤلف : الشيخ عباس القمی ج 7 ،ص 126 .
([14]) مستدرك سفينة البحار ، الشيخ علي النمازي الشاهرودي ، ج 8 ، ص262 .
8,492 total views, 2 views today
