تفسير قوله تعالى (اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)سورة ال عمران الاية (1،2)

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد  (1)

قال تعالى (بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ،الم ،اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) سورة آل عمران الاية(1،2)

نتعرض في هذه الايات  الى مطالب عدة

اولا : البسملة (والم)

مر تفسير البسملة في سورة الفاتحة وكذلك الاراء في الحروف المقطعة ،واضيف هنا بعض الروايات في باء البسملة كما روي عن علي (عليه السلام) انه قال: (لو شئت لاوقرت سبعين بعيرا من باء بسم الله الرحمن الرحيم) ^([1]).

وفي ينابيع المودة عن الدر المنظم : إعلم أن جميع أسرار الكتب السماوية في القرآن ، وجميع ما في القرآن في الفاتحة ، وجميع ما في الفاتحة في البسملة ، وجميع ما في البسملة في باء البسملة ، جميع ما في باء البسملة في النقطة التي هي تحت الباء . قال الإمام علي ( كرم الله وجهه ) : أنا النقطة التي تحت الباء ) ^([2]).

ثانيا : الله جامع لصفات الكمال

لفظة الله اسم ( لله) يختص به تبارك وتعالى ولا يطلق على غيره وهو جامع لصفات الكمال والجمال ،وهو الاله المعبود بحق الرحمن الرحيم لا اله الا هو ، .ولا يقع وصفا فلا نقول (العالم الله) ، وكذلك لا يطلق على غير الله حقيقة او مجازا ، وهذا الاسم كان معروفا حتى في الجاهلية وليس فقط في الاسلام

قال لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل    وكلّ نعيم لا محالة زائل ^([3]).

قال صدر الدين الشيرازي (و «اللّه»: علم للذات الواجب الوجود، المستجمع لصفات الكمال) ^([4]).

وقال السيد الخوئي فإن كلمة الله علم للذات المقدسة الجامعة لجميع صفات الكمال^([5]).

ثالثا : الضمير (هو ) من الاسماء الالهية  

 ورد في القران الكريم لفظة (هو في ايات عديدة ) منها قوله تعالى في سورة البقرة ،(اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ^([6]).، اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الآية ^([7]).  ، هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ^([8]).  وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ^([9]).  : إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ^([10]). قال بعض المفسرين ان الضمير هو من الاسرار الالهية وهو من الاسماء الذوقية والذي لا يعرفه الا من تذوقه عبر تهذيب النفس وطي المنازل والسلوك الى الله تعالى ،لذلك قال الشيخ ملا صدر الدين الشيرازي («لا إله إلّا اللّه» توحيد العوام و «لا إله إلّا هو» توحيد الخواصّ و «لا هو إلّا هو» توحيد أخصّ الخواصّ و لقد استحسنت هذا الكلام و قرّرته بالقرآن و البرهان^([11]).

 رابعا : التلازم بين الحي والقيومية

 الاسم الحي لله تعالى يتضمن جميع الصفات الذاتية لله تعالى كالقدرة والعلم،والارادة ،والعظمة والعزة،وغيرها من صفات الذات الالهية ، والقيوم هو القائم بنفسه فهو الذي لا يحتاج الى غيره ،وكذلك فقد قامت به الأرض والسماوات وما فيهما من المخلوقات،فان كل شيء قائم به تعالى من الذرة الى المجرة  فان كل شيء في الوجود كما يحتاج الى الله في وجوده كي يخرجه من حيز العدم الى حيز الوجود يحتاج الى الله في بقائه في الواقع الخارجي ،كنور المصباح فان نور المصباح يحتاج الى الطاقة في نوريته واشتعاله كذلك يحتاج في بقائه الى الطاقة فلا يمكن ان يستغني المصباح عن الطاقة بعد اشتعاله .؟

قال السيد الطباطبائي (فالأوفق فيما نحن فيه من قوله تعالى : الله لا إله إلا هو الحي القيوم الآية ، وكذا في قوله تعالى : ” ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ” ، ان يكون لفظ الحي خبرا بعد خبر فيفيد الحصر لان التقدير ، الله الحي فالآية تفيد ان الحياة لله محضا إلا ما أفاضه لغيره .واما اسم القيوم فهو على ما قيل : فيعول كالقيام فيعال من القيام وصف يدل على المبالغة والقيام هو حفظ الشئ وفعله وتدبيره وتربيته والمراقبة عليه والقدرة عليه) ^([12]).

وقال ابن العربي ،الاسم الإلهي القيوم هو أخو الاسم الحي الملازم له،و ينظر إلى الاسم الحي المحيي بهذه العبادات الاسم القيوم و لهذا قيل للمكلف وَ أَقِيمُوا الصَّلاٰة،َ وَ أَقِيمُوا الْوَزْنَ، فالقيوم أخو الحي الملازم له قال تعالى اَللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ،و قال الم اَللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، و قال وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ، فما جاء الاسم الحي إلا و القيوم معه فتدبر هذا الباب فإنه يحتوي على أسرار إلهية^([13]).

وقد ورد في الروايات عن اهمية كلمات والفاظ الحي القيوم بل هذه الاسماء من الاسرار الالهية كما عن عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ اسْمُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ^([14]).

وكذلك ِرِوَايَةِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ فِي سُوَرٍ ثَلَاثٍ فِي الْبَقَرَةِ وَ آلِ عِمْرَانَ وَ طه قَالَ أَبُو أُمَامَةَ فِي الْبَقَرَةِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ وَ فِي آلِ عِمْرَانَ الم اللّٰهُ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَ فِي طَهَ وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ‌ ^([15]).

اللهم بحق الحسين اشف صدر الحسين بظهور الامام المهدي عليه السلام .

__________________________________________________

([1])   عوالي اللئالي ، محمد بن علي بن ابراهيم ابن ابي جمهور الأحسائي ، ج 4 ،ص 102

([2]) ينابيع المودة لذوي القربى ،  القندوزي ، ج 1 ، ص213 .

([3])  إعراب القرآن الكريم وبيانه المؤلف : محيي الدين الدرويش ،ج 6  ،ص 547 .

([4])  مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين ، ملاصدرا  ،ج 1  ،ص 405

([5])  البيان في تفسير القرآن ، السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي ، ج1  ،ص 95 .

([6])255 من سورة البقرة

([7])   2 من سورة آل عمران

([8])   الآية 65 من سورة غافر

([9])   الآية 163 من سورة البقرة

([10])الآية 98 من سورة طه

([11]): تفسير القرآن الکريم ،  الملاصدرا  ،ج 1  ،ص 48  .

([12])تفسير الميزان ، السيد الطباطبائي ، ج2 ، ص 330 .

([13])الـفتوحات المکية ، محمد بن علی ابن عربی ،ج2  ،ص 219 .

([14])مهج الدعوات و منهج العبادات،السيد ابن طاووس ، ج1 ، ص 317 .

([15])مهج الدعوات و منهج العبادات ، السيد ابن طاووس ، ج1 ، ص 317.

 1,599 total views,  2 views today